أميرة الثلج ليست في ديزني.. هُنا ثغر باسم وقلب يرتجف بردا وحلم بألا تصير الخيمة وطنا (شاهد)

قد يختلف واقع أطفال المخيمات عن أقرانهم خارجها الذين ينعمون بحياة مستقرة بين أحضان عائلاتهم الدافئة، إلا أن الطفولة تظل القاسم المشترك بينهم، فهي إكسير أرواحهم ومحرك أحلامهم وطموحاتهم.
هنا سترى (أميرة الثلج) بحق، لكن ليس في والت ديزني، وإنما بالشمال السوري حيث شتاء النازحين المكتسي بالبياض “القاتل”.. هنا سوريا حيث يعيش أطفال وأميرات الثلوج، يدارون ارتجاف قلوبهم وارتعاش أجسادهم الصغيرة بابتسامات حائرة ونظرات تائهة تحلم بألا تتحول الخيمة إلى “وطن”.
مآسٍ تتوالى على أكثر من 1.5 مليون إنسان يعيشون في الخيام حتى أصبحت حياتهم كأنها الجحيم
هذا حال المهجرين في مخيمات النزوح شمال #حلب، بعد أن سوت العاصفة الثلجية ليلة أمس خيامهم المهترئة على الأرض.#الخوذ_البيضاء pic.twitter.com/XKyW4iLMha— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) January 19, 2022
قد تعاتبنا عيون الأطفال النازحين داخل المخيمات، ويوجهون إلينا اللوم بدموع حبسوها عمدًا وأنفاس أنهكها الواقع المؤلم وبرد الشتاء الذي يعصف بهم وبخيامهم في هذا الوقت من العام، حيث يصبح ثوب الشتاء الأبيض ثقيلًا جدًّا علي أجسادهم الضعيفة المنهكة وخيامهم المهترئة.
بيد أنهم يظلون أولئك الصغار الذين يحلمون بمستقبل أفضل، ويرسمون خيالات عما ستكون عليه أعوامهم المقبلة.
ثغرٌ باسمٌ وقلب يرتجف برداً، أميرة الثلج "مريم" أنهك جسدها الصغير برد تسلل من ثقوب خيمةٍ ممزقة تعيش فيها قرب #عفرين شمالي #حلب بعد أن هجرتها قوات النظام وروسيا من كفرزيتا شمالي حماة.
نتمنى لأميرتنا الصغيرة أن يتحقق حلمها وتصبح طبيبة وألا تتحول الخيام لوطنٍ لها.#الخوذ_البيضاء pic.twitter.com/TXzFLfWzvX— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) January 22, 2022
مريم.. أميرة الثلج
بثغر باسم وقلب يرتجف بردًا تطل علينا أميرة الثلج (مريم) من بين الثلوج المتراكمة في أحد مخيمات منطقة عفرين في ريف حلب الشمالي.
وقالت منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) على تويتر إن هذه الأميرة الصغيرة التي أنهك جسدها الصغير برد تسلل من ثقوب خيمتها الممزقة تحلم بأن تكون “طبيبة” وألا تتحول الخيمة إلى “وطن”.
"ما بدي تعرفوا اسمي الحقيقي، بس في اسم تاني لكل الناس هون بالمخيم، اسمي التاني هو "نازحة" نحنا ساكنين بمخيم بعفرين، أول ما شفت التلج كتير حبيته بس بالليل صار برد كتير وما حسنت نام، ما بقى بدي تلج وصرت اكرهه و بدي الشمس تطلع لأدفى"#الخوذ_البيضاء #سوريا #حلب #عفرين #إدلب pic.twitter.com/k9bQ7ikFpr
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) January 21, 2022
الأميرة النازحة
فضّلت أميرتنا التالية أن تطلق علي نفسها “نازحة”، فهو اسمها داخل المخيم وواقعها المؤلم.
وبينما تعاملت مع الثلوج فور سقوطها بروح الطفلة العفوية أدركت سريعًا أن الواقع لا يشبه خيالات الصغار وصور الرسوم المتحركة حيث رجل الثلج الضاحك والكرات الثلجية المتطايرة.
وقالت النازحة الصغيرة “نحنا ساكنين بمخيم بعفرين أول ما شفت الثلج كتير حبيته بس بالليل صار برد كتير وما حسنت نام. ما بقى بدي تلج وصرت أكرهه وبدي الشمس تطلع لأدفى”.
ولم يبق للكثير من النازحين في مخيمات الشمال السوري سوى خيمة وسماء وذكريات ضائعة وبعض الأمل.
لم يبقَ لهم إلا خيمة وسماء وذكريات ضائعة وبعض الأمل، هنا تموت الإنسانية ويصرخ الموت خجلاً من موتهم.#إدلب #حلب #سوريا
#مخيمات_الطين#الخوذ_البيضاء pic.twitter.com/yKXQ66tSjI— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) January 19, 2022
ومنذ مساء الثلاثاء، تضرب عاصفة مطرية وثلجية مناطق شمال غربي سوريا، أدت إلى انقطاع العديد من الطرق ومحاصرة مخيمات في ريف حلب الشمالي، وغرق مخيمات في ريف إدلب الشمالي.
وخلّفت العاصفة أضرارًا مادية في أكثر من 72 مخيمًا تضررت فيها 1900 خيمة بشكل جزئي و920 خيمة بشكل كلي، وكانت جميعها مأوى لنحو 2250 عائلة.
لايعرفون معنى اللعب بالثلج، يراقبونه من بعيد ويهابون الاقتراب منه، ليس كباقي أطفال العالم، آلم أطرافهم ثلج الشتاء، واكتوت جباههم بحر الصيف، يعيشون في خيمة وكل ما يحيط بهم يشكل خطراً عليهم، فلا معنى للفرح عندهم لأن الخوف لا يفارقهم.#الخوذ_البيضاء #مخيمات_الطين pic.twitter.com/dgwBTbhr4n
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) January 19, 2022
ونزحت مئات العائلات خارج خيامها في مأساة تتكرر كل عام في فصل الشتاء، لتتحول الأمطار والثلوج التي لطالما كانت مصدرًا للفرح والبهجة إلى كابوس يلاحق السوريين ويفاقم معاناتهم.
في ظل هذه الظروف الصعبة، لا يعرف الأطفال معنى اللعب بالثلج، فيكتفون بمراقبته من بعيد ويهابون الاقتراب منه خوفًا من آلام الأطراف والموت تجمدًا.
لين ونصرة، خطفت أرواحهما النار التي كانتا تلتمسانها للدفء بين أقمشة الخيمة الباردة صباح اليوم، ليبقى العالم بأسره يرى أطفال #سوريا وهم يعيشون حياة كالجحيم.#الخوذ_البيضاء pic.twitter.com/Bkaztsn6UN
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) January 17, 2022
نار وسط الثلوج
في المخيمات، كل ما هو خارج الخيمة وداخلها يشكل خطرًا على الأطفال، فلا معنى للفرح عندهم لأن الخوف لا يفارقهم.
في 17 يناير/كانون الثاني الجاري، خطفت النار روحَي “لين ونصرة” اللتين كانتا تلتمسان منها الدفء بين أقمشة الخيمة الباردة.
وعلى مدى 10 سنوات تتكرر معاناة السوريين في المخيمات، العواصف الثلجية تدمر الخيام وتحاصر المخيمات وتمنع وصول الطعام والماء إليها، والأمطار الغزيرة تغرق تلك الخيام بينما يبقى العالم ينظر إلى مأساة المدنيين النازحين دون أي تحرك لإنهائها.
"كل سنة بقول بلكي منرجع لبيتنا قبل الشتي، أنا كنت حب التلج كتير لأن كنت ألعب وارجع للبيت أدفى، بينما هون إذا لعبت بضل بردان كل الوقت، بس مع هيك قررت أصنع رفيق ألي وسميته نازح، وخليته قاعد برا الخيمة مشان يشعر متلي بالبرد وأعرف أنه حدا بهالعالم حاسس فينا"#الخوذ_البيضاء #سوريا pic.twitter.com/CTrsWXhOc6
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) January 20, 2022
طفل الثلج
وقال أحد النازحين الصغار “كل سنة بقول بلكي منرجع لبيتنا قبل الشتا، أنا كنت حب الثلج كتير لأن كنت ألعب وأرجع للبيت أدفى بينما هون إذا لعبت بضل بردان كل الوقت”.
وأضاف كاشفا عن ألم النزوح “قررت أصنع رفيق لي وسميته نازح، وخليته قاعد برا الخيمة مشان يشعر متلي بالبرد وأعرف أنه حدا بهالعالم حاسس فينا”.
وينعكس انخفاض درجات الحرارة بشكل مباشر على الأطفال وكبار السن في المخيمات، فعدم عزل الخيام والأرض الطينية تزيد من البرودة بينما تغيب التدفئة المناسبة بسبب تردي أوضاع النازحين المعيشية، مما يجعلهم مضطرين لاستخدام مواد غير صحية في التدفئة بينها النايلون والأحذية المستعملة.
"عم نشعل أعواد زيتون لحتى نتدفى، كانت ليلة باردة وكل الليل ما نمنا" بصوت مرتجف ونظرات بريئة يستقبلنا "خالد" أثناء محاولته الحصول مع أخوته واطفال آخرين على بعض الدفء، في مخيم عشوائي قرب بلدة معارة إخوان شمالي #إدلب.
من حق هؤلاء الأطفال أن ينعموا بالدفء والسلام.#الخوذ_البيضاء pic.twitter.com/u5ep2QshsN— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) January 21, 2022
استجداء الدفء
ويدرك الأطفال معاناة توفير سبل التدفئة في المخيمات ولا سيما العشوائية منها غير الخاضعة للمنظمات الدولية.
وقال النازح الصغير خالد بصوت مرتجف ونظرات بريئة “عم نشعل أعواد زيتون لحتى نتدفى”. ويعيش خالد مع إخوته وأطفال آخرين في مخيم عشوائي قرب بلدة معارة إخوان شمالي أدلب.
وقال محمد (12 عامًا) الذي يعيش مع عائلته في مخيم عين عارة غربي إدلب “حلمي أني أستقبل الثلج بفرح ونكون ببيتنا ونلعب أنا وإخوتي ونعمل رجل الثلج”.
ورغم صغر سنه فإن محمد -وهو كبير إخوته- يتولى إبعاد الثلوج عن سقف خيمتهم، ويبحث عن بقايا الحطب ليمنح إخوته الصغار ما يدفع عنهم البرد الذي أنهك عظامهم.
" حلمي اني استقبل الثلج بفرح ونكون ببيتنا، و نلعب أنا و أخوتي ونعمل رجل الثلج"
محمد 12 عاماً، يعيش مع عائلته في مخيم عين عارة غربي #إدلب، هو كبيرهم بعمره الصغير، يبعد الثلج عن سقف خيمتهم، ويبحث عن بقايا الحطب ليمنح إخوته الصغار ما يرد عنهم البرد الذي أنهك عظامهم.#الخوذ_البيضاء pic.twitter.com/9Pg83Ld2zp— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) January 23, 2022
معاناة أعمق من مجرد سكن
وتشير الخوذ البيضاء إلي أن المأساة التي يعيشها النازحون لا يمكن حلها عبر تقديم الخدمات للمخيمات ولا بناء مخيمات إسمنتية.
وقالت في بيان صدر الأربعاء “إن معاناة النازحين أعمق من مجرد السكن، وإن توطين النازحين في المخيمات ليس بحل، وهو انتقاص من حق المدنيين في العيش الآمن بمنازلهم”.
وطالبت بأن يكون الحل الجذري والوحيد هو توفير الأمان للمدنيين للعودة إلى مساكنهم، وعندها تتضاءل الحاجة للدعم الإنساني والإغاثي.
تقاسي شهد، 6 سنوات، االثلج لتحضر الخبز لعائلتها في مخيم الطين شمالي #إدلب، بعد تهجيرهم من بلدة أبو ظهور شرقي إدلب، الأطفال السوريين كانوا الأكثر تأثراً بالحرب التي سلبتهم طفولتهم وأبسط حقوقهم بالعيش الكريم بسلام وفي منازلهم التي هجرهم منها نظام الأسد وروسيا.#الخوذ_البيضاء pic.twitter.com/y5NLoLY5d8
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) January 23, 2022