ماذا نعرف عن مركز التنسيق الأمريكي لتنفيذ اتفاق غزة؟

لاحظ سكان مدينة كريات غات، الواقعة على بُعد نحو 30 كيلومترا شمال شرق قطاع غزة، قبل أيام حدثا غير اعتيادي حين شوهد جنود أمريكيون يتجولون قرب أحد مراكز التسوق بعد شراء معدات وطعام من المتاجر المحلية.
وبعد فترة قصيرة، وخلال مؤتمر صحفي في 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أعلن نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس افتتاح مركز التنسيق المدني-العسكري في المدينة، بوصفه مقرا رئيسيًا لتنفيذ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار في غزة.
اقرأ أيضا
list of 4 items- list 1 of 4“مجالسة بيبي”.. مصطلح ساخر يجتاح الإعلام الأمريكي لوصف محاولات واشنطن كبح نتنياهو (شاهد)
- list 2 of 4نائب ترامب: لن يتم ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل (شاهد)
- list 3 of 4بيان لدول عربية وإسلامية ردا على تصويت الكنيست لفرض “السيادة الإسرائيلية” على الضفة
- list 4 of 4أول رد من نتنياهو على تصريحات ترامب بشأن قرار الكنيست لضم الضفة الغربية
حضر المؤتمر عدد من كبار القادة الأمريكيين والإسرائيليين، بينهم قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال براد كوبر والجنرال باتريك فرانك، إلى جانب مسؤولين عسكريين من دول أخرى، حيث أُعلن تأسيس “مركز التنسيق المدني-العسكري لدعم استقرار غزة”، وذلك بعد أيام قليلة من توقيع خطة واشنطن لإنهاء الحرب في شرم الشيخ في مصر.
ماذا نعرف عن مركز التنسيق المدني-العسكري؟
بحسب بيان القيادة الوسطى للجيش الأمريكي في 21 أكتوبر الجاري، فإن المركز يضم نحو 200 فرد من القوات الأمريكية من ذوي الخبرة في مجالات النقل والتخطيط والأمن واللوجستيات والهندسة، تحت إشراف اللواء باتريك فرانك، قائد القيادة البرية الأمريكية في المنطقة الوسطى.
ويشارك في المركز ضباط بريطانيون، وممثل عن الجيش الإسرائيلي، هو اللواء يكي دولف، إضافة إلى أفراد من الدنمارك وألمانيا، مع الإشارة إلى إمكانية انضمام دول أخرى لاحقا.
وقال الجيش الأردني في بيان، الأربعاء، إنه تم “انتداب ممثل أردني ضمن فريق دولي لتنفيذ بنود وقف إطلاق النار في غزة”، مبيّنا أن الممثل الأردني “يشارك في مركز التنسيق المدني العسكري لتسهيل نقل المساعدات الإنسانية إلى القطاع”.
وفي وقت سابق، قالت وزارة الدفاع البريطانية، في بيان، إن “عددا صغيرا” من ضباط التخطيط البريطانيين أرسلوا إلى إسرائيل للانضمام إلى مركز التنسيق.
ونقلت وسائل إعلام بريطانية عن وزير الدفاع جون هيلي قوله إن إرسال هذه القوة جاء تلبية لطلب من الولايات المتحدة.

مظاهر رمزية تعكس الطابع الدولي
وشهد المؤتمر مظاهر رمزية عكست الطابع الدولي لإنشاء المركز الجديد، إذ رُفع علما الولايات المتحدة وإسرائيل إلى جانب أعلام الدول المشاركة.
كما لوحظت لافتتان تحملان عبارة “خطة النقاط العشرين لترامب” بالإنجليزية، في إشارة إلى الإطار السياسي الذي يقود المشروع.
يقع المركز في المنطقة الصناعية وسط مدينة كريات غات، داخل مجمع لوجستي كان مملوكا سابقا لشركة تجارية خاصة، وقد جُهّز في غضون أسبوعين فقط ليضم ثلاثة طوابق، أحدها للجانب الإسرائيلي، وثانٍ للقوات الأمريكية، وثالث للتنسيق المشترك.
ويحتوي المقر على غرفة عمليات لمتابعة التطورات في غزة بوتيرة آنية، إضافة إلى مكاتب وقاعات اجتماعات مخصَّصة للتواصل بين الأطراف.
واختيرت مدينة كريات غات لموقعها الاستراتيجي القريب من تل أبيب، والبعيد نسبيا عن حدود غزة، بما يتيح مراقبة الأوضاع دون تعريض القوات المشاركة لأي خطر مباشر.
وكانت الخطة الأمريكية الأولية تنص على إقامة المركز في قاعدة حتسور الجوية، لكن القرار الإسرائيلي قضى بنقله إلى كريات غات.
وزُوّد المركز بمنظومات مراقبة واستطلاع متقدمة، مع فرض إجراءات أمنية مشددة شملت حظر التصوير والاقتراب من الموقع دون تصريح، فضلا عن مطالبة المالكين السابقين بعدم التحدث إلى الإعلام.
ووفق القيادة المركزية الأمريكية، فقد بدأ المركز عمله فعليا بوصفه منشأة تنسيق رئيسية للعمليات الأمريكية في إسرائيل وقطاع غزة، بهدف تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتنسيق الجهود الدولية لإعادة إعمار غزة، تمهيدا لمرحلة سياسية جديدة في المنطقة.
وقال الجنرال براد كوبر، وفق بيان القيادة الوسطى للجيش الأمريكي “جمع الجهات الفاعلة التي تسعى لتحقيق الاستقرار في غزة أمر أساسي من أجل انتقال سلمي”، مضيفا أن القوات الأمريكية ستعمل على دمج ممثلين من الدول والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الدولية والقطاع الخاص في المركز.

انتقادات إسرائيلية
لكنْ ثمة نقاش محتدم في إسرائيل بشأن الغاية الحقيقية من إقامة المركز، حيث تعالت أصوات داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تنتقد ما تصفه بـ”التدخل الأجنبي المفرط”.
ورأت صحيفة يديعوت أحرونوت، في عددها الصادر في 22 أكتوبر، في هذه الخطوة تحولا في نمط العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، إذ لم تعد الولايات المتحدة مجرد وسيط أو داعم سياسي، بل صارت فاعلا مباشرا في صياغة قواعد السلوك الأمني والعسكري داخل إسرائيل.
وشبَّهت الصحيفة هذا النمط الجديد من الانخراط الأمريكي بـ”بيبي – سيتر”، في إشارة رمزية إلى دور الوصي المراقب على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
“رقابة لصيقة”
واستعارت الصحيفة تشبيها من عالم الرياضة لوصف هذا الدور بقولها “الأمريكيون انتقلوا من المراقبة من بعيد إلى ممارسة رقابة لصيقة وشديدة، أشبه برقابة دفاعية في كرة السلة، فهم لن يسمحوا لنتنياهو بإفشال اتفاق وقف إطلاق النار أو الخروج عن حدود السياسة الأمريكية المرسومة”.
من جانبها، أشارت صحيفة هآرتس في تقرير لها إلى أن ملامح قوة التثبيت الدولية التي تسعى الولايات المتحدة إلى إنشائها في قطاع غزة غير واضحة، إذ لم تؤكَّد حتى الآن مشاركة أي دولة رسميا في هذا الإطار الأمني.
وأضافت الصحيفة أن الإدارة الأمريكية تواجه صعوبات حقيقية في تجنيد دول أخرى للمشاركة، بحسب ما أكدته أيضا صحيفة نيويورك تايمز.
أما في الشرق الأوسط، فتظل تركيا الدولة الوحيدة التي أبدت حماسة علنية لإرسال قوات ميدانية إلى غزة، وهو ما أثار انزعاجا وقلقا عميقين داخل المؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية، كما أوضح نتنياهو رفضه أي وجود عسكري تركي في غزة.