هل تنهار مقبرة توت عنخ آمون؟ عالم آثار مصري يجيب (فيديو)

الكنوز التي عثر عليها في مقبرة توت عنخ آمون تعد من أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين
الكنوز التي عثر عليها في مقبرة توت عنخ آمون تعد من أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين (رويترز)

أثارت دراسة أثرية حديثة حالة من الجدل في الأوساط العلمية في مصر، بعد تناولها احتمال تعرض مقبرة الملك توت عنخ آمون، أحد أهم كنوز الحضارة المصرية القديمة، لخطر الانهيار.

وفي مقابلة خاصة مع الجزيرة مباشر، قال الدكتور سيد حميدة، عالم الآثار المصري وأستاذ الترميم والحفاظ على التراث المعماري بجامعة القاهرة، الذي نشر هذه الدراسة، إن “مقبرة توت عنخ آمون لن تنهار في أي وقت قريب، لكننا نتعامل مع حضارة بُنيت للأبد، وهناك بالفعل بعض المخاطر التي تستدعي المتابعة الدقيقة”.

اقرأ أيضا

list of 4 itemsend of list

وأوضح حميدة أن أبرز هذه المخاطر تتمثل في التغيرات المناخية والأمطار الغزيرة، مثل تلك التي شهدتها المنطقة عام 1994، والتي قد تتكرر مستقبلًا، إضافة إلى حركة خطوط الصدع الأرضية التي تقسم المقبرة إلى قسمين.

تحليل المخاطر الحالية والمستقبلية

وأشار حميدة إلى أن الدراسة استندت إلى تحليل المخاطر الحالية والمستقبلية التي قد تؤثر في سلامة المقبرة الهيكلية على المدى الطويل، مؤكدًا أنها “قد لا تصمد لآلاف السنين، كما شُيّدت في الأصل، إن لم تُتخذ إجراءات علمية عاجلة”.

وتُعد مقبرة توت عنخ آمون من أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، إذ اكتشفها عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1922 أثناء أعمال التنقيب في وادي الملوك بمحافظة الأقصر.

وبعد أشهر من الاكتشاف، تمكن كارتر من فتح حجرة الدفن في فبراير/شباط 1923، ليكشف عن أحد أعظم الكنوز الأثرية في العالم، وهي مقبرة تعود إلى الأسرة الثامنة عشرة (1569 – 1315 قبل الميلاد)، وتضم ثروات ذهبية ومقتنيات فريدة صمدت آلاف السنين.

النقوش التي تظهر على جدران مقبرة توت عنخ آمون
النقوش التي تظهر على جدران مقبرة توت عنخ آمون (رويترز)

مخاطر طبيعية متكررة

وقال حميدة إن مقابر وادي الملوك عمومًا، وليست مقبرة توت عنخ آمون فقط، تواجه آثارًا فيزيائية وكيميائية ناتجة عن الأمطار والسيول التي شهدتها المنطقة في العصور القديمة والحديثة، وكان آخرها في أكتوبر/تشرين الأول 1994.

وأوضح أن طبيعة التركيب الجيولوجي للوادي، حيث حُفرت المقابر في سفوح الجبال، تجعلها عرضة للسيول التي تحمل معها الأنقاض والأتربة والصخور، مما قد يؤدي إلى تآكل الجدران وتصدّع الأسقف بمرور الزمن.

وأشار إلى أن مقبرة أبناء رمسيس المفقودة ومقبرة سيتي الأول تُعدان مثالين واضحين على حجم الضرر الذي يمكن أن تسببه السيول، إذ غمرت فيضانات عام 1994 بعض المقابر الملكية بمياه تجاوزت 6 أمتار مكعبة.

غياب الدراسات الوقائية

وأعرب أستاذ الترميم بجامعة القاهرة عن أسفه لغياب الدراسات العلمية المنتظمة لتحليل المخاطر التي تواجه المقابر الملكية في وادي الملوك، قائلًا “التركيز الأكبر ينصب على الاكتشافات الأثرية ودراسة النصوص والجداريات، في حين تُهمل الدراسات الوقائية التي تضمن بقاء هذه الآثار للأجيال القادمة”.

ودعا حميدة إلى تدخل عاجل من الجهات الأثرية والحكومية لوضع خطط علمية دقيقة لرصد المخاطر والحد منها، مؤكدًا أن بحثه المنشور في مجلة “نيتشر” العلمية المعروفة يهدف إلى “التنبيه المبكر لا أكثر”، مضيفا أن “بعض المقابر في حالة أسوأ من مقبرة توت عنخ آمون، مثل مقبرة سيتي الأول التي تُعد من أكبر وأهم المقابر الملكية في الوادي”.

تحذير دون تهويل

وكشفت دراسة حميدة أن الشقوق المتزايدة في جدران المقبرة سمحت بتسرب مياه الأمطار، مما زاد من اتساعها وأدى إلى وضع السقف تحت ضغوط تتجاوز قدرة الصخور على التحمل، وخصوصا في ظل تمددها وانكماشها مع تغيّر الرطوبة.

ومع ذلك، شددت الدراسة على أن مقبرة توت عنخ آمون لن تنهار قريبًا، لكنها قد لا تدوم بالصلابة ذاتها التي صمدت بها طوال قرون، إذا لم تُتخذ إجراءات ترميم وحماية مستدامة.

واختتم عالم الآثار المصري حديثه للجزيرة مباشر بالقول إن “بحثي ليس دعوة للقلق، بل تذكير بأهمية دراسة هذا التراث العظيم والحفاظ عليه قبل فوات الأوان”.

وعقب حالة الجدل التي أثارتها الدراسة، أصدرت الحكومة المصرية بيانا عبر وزارة السياحة والآثار، نشرته على صفحتها الرسمية، نفت فيه “ما تم تداوله مؤخرًا في بعض المواقع الإخبارية الأجنبية حول تعرض مقبرة الملك توت عنخ آمون في البر الغربي بالأقصر لخطر الانهيار نتيجة وجود شقوق بجدرانها وارتفاع نسبة الرطوبة، مما يهدد اللوحات الجدارية بالتآكل”.

ووفق البيان، أكد الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن “هذه الادعاءات غير صحيحة على الإطلاق، وأن المقبرة في حالة جيدة من الحفظ وليست معرضة لأي خطر يهدد سلامتها الإنشائية أو الجدارية”.

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان