كاتب ألماني يواجه التضييق لانتقاده نتنياهو.. وهذا موقفه من المقاومة الفلسطينية (فيديو)

يواجه الكاتب والبرلماني الألماني السابق يورغن تودنهوفر خطر الاعتقال بعد منشورات له عبر منصة “إكس”، شبّه فيها ما يقوم به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في غزة بما فعله النازيون في ألمانيا باليهود.

انتقاد نتنياهو

في حديثه من ميونيخ لبرنامج هاشتاغ على قناة الجزيرة مباشر، أوضح تودنهوفر أن ما يحدث معه يمثل انقلابًا على القيم التي قامت عليها بلاده. وأشار إلى أنه كان يومًا عضوًا في البرلمان الألماني ومن بين الذين أسسوا النظام الذي يقوم على سيادة القانون وحرية التعبير، لكنه بات يرى أن هذه المبادئ أصبحت غائبة تمامًا، لدرجة أنه يشعر أحيانًا وكأنه يعيش في كوريا الشمالية، واعتبر أن ما يجري تطورا خطيرا للغاية.

وحول المنشور الذي تساءل فيه عما إذا كان نتنياهو يشعر بوخز الضمير وهو يفعل بالفلسطينيين ما فعله النازيون باليهود، تحدث تودنهوفرعن معرفته العميقة بإسرائيل وغزة، موضحًا أنه قضى عشرة أيام في القطاع خلال حرب عام 2014، ورأى بعينيه ما وصفه بغياب التعاطف الإنساني مع الفلسطينيين نتيجة سياسة نتنياهو.
وأكد أنه وُلد خلال الحرب العالمية الثانية وشهد تدمير مدينته بالقصف البريطاني، وأن تلك التجربة جعلته يتعهد ألا يصمت أمام قتل الأبرياء في أي مكان. وشدد على أنه لا يقارن ما يجري في غزة بالمحرقة، لكنه يرفض الصمت أمام قتل الأطفال الفلسطينيين على يد القوات الإسرائيلية، معتبرًا أن الفلسطينيين يستحقون الحقوق نفسها التي يتمتع بها الإسرائيليون. وأضاف أنه مستعد لتحمل أي عواقب لمواقفه، حتى لو أدى ذلك إلى سجنه، لأنه يرى أن الدفاع عن القانون والديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الفلسطينيين واجب أخلاقي لا يمكن التراجع عنه.

الملاحقة والرقابة المشددة

وعن تفاصيل الملاحقة الأمنية التي يتعرض لها، قال إن النيابة العامة والمحكمة أصدرتا ثلاثة قرارات بحقه، تمثلت في تفتيش منزله، ومصادرة أجهزته الإلكترونية، وفتح قضية جنائية ضده. وأشار إلى أنه رغم عدم تنفيذ قرار التفتيش حتى الآن، إلا أنه خضع لمراقبة أمنية استمرت أسابيع، وأن الشرطة حاولت مداهمته أثناء وجوده في إحدى المحاضرات، لكنه تجنب ذلك حفاظًا على سلامته. وأوضح أنه يرفض الكشف عن مكان وجوده حاليًا بسبب الملاحقة، معتبراً أن القرارات القضائية المتخذة بحقه سخيفة وغير مبررة.

اقرأ أيضا

list of 4 itemsend of list

وأضاف أن ما يحدث له يعيد إلى ذهنه زيارته السابقة لكوريا الشمالية، حيث لم يكن يجرؤ على الكلام هناك، مؤكدًا أنه يشعر بالحزن لأن ألمانيا باتت تسير في الاتجاه نفسه. واعتبر أن الحكومة الألمانية أصبحت تتصرف على نحو يحاكي سلوك الحكومة الإسرائيلية، مشددًا على أنه لا يعادي بلاده، بل ينتقد ما وصفه بـ”الإبادة الجماعية” التي تُرتكب بحق الفلسطينيين، كما انتقد في السابق الحروب التي شنتها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، مؤكدًا أن موقفه ثابت ضد جرائم الحرب أيًّا كان مرتكبها.

وحين سُئل عن ما إذا كانت هذه الملاحقة مرتبطة بمقابلته السابقة مع القيادي في حركة حماس الدكتور باسم نعيم، أوضح أن الأمر لا علاقة له بالمقابلة، وأن مواقفه نابعة من قناعاته الشخصية. وأشار إلى أنه يتحدث مع جميع الأطراف، سواء كانوا فلسطينيين أو إسرائيليين، لأنه يرى أن معرفة الحقيقة تقتضي الاستماع إلى الجميع.

حرية التعبير في ألمانيا

وأكد تودنهوفر أنه مستعد لتحمل كل تبعات مواقفه، مذكّرًا بأنه تعرض لإطلاق نار من قبل جنود إسرائيليين عام 2019 أثناء رفعه لافتة كتب عليها “عاملوا الفلسطينيين كما تحبون أن تُعامَلوا”، وأصيب في كتفه لكنه لم يرفع دعوى ضد الحكومة الإسرائيلية. وأوضح أنه كان ولا يزال ينتقد إسرائيل بسبب احتلالها للأراضي الفلسطينية وسياستها العنصرية تجاه الفلسطينيين، مشيرًا إلى أنه قبل أسابيع فقط كان في الضفة الغربية وتعرض للركل من أحد المستوطنين. وأكد أنه رغم كل ذلك لن يتراجع عن موقفه ولن يتوقف عن فضح ما وصفه بممارسات نتنياهو ضد الفلسطينيين.

ووصف قرار المحكمة بأنه مثير للسخرية، وقال إن ما يهمه هو الدفاع عن حرية التعبير وحق الفلسطينيين في المساواة، مؤكدًا أن من ينتقد سياسات إسرائيل يُلاحق قضائيًا، بينما يُستقبل من تصدر بحقه مذكرات توقيف دولية مثل نتنياهو في برلين استقبال الضيوف.

تودنهوفر اعتبر أن ما يحدث يعكس تراجعًا خطيرًا في مناخ حرية التعبير بألمانيا، موضحًا أن السلطات تتعامل بانتقائية في قضايا حرية الرأي، وأن الملاحقات ضد المشاركين في فعاليات داعمة لفلسطين أو في أسطول الحرية تهدف إلى ترهيب الآخرين وثنيهم عن المشاركة. وأشار إلى أن البعض بات يخشى حضور فعالياته خوفًا من الملاحقة أو خسارة وظائفهم، لكنه أكد أنه لا يمكن ترهيبه بسبب مسيرته الطويلة ومكانته المستقلة.

روى تودنهوفر أنه رفع العلم الفلسطيني على مبنى بلدية مدينته التي كانت ترفع العلم الإسرائيلي لمدة عامين، موضحًا أنه لم يطلب إنزال العلم الإسرائيلي بل أراد فقط أن يُرفع إلى جانبه العلم الفلسطيني للتعبير عن المساواة في الحقوق، إلا أن معظم من طلب مساعدتهم رفضوا خوفًا على وظائفهم. وقال إنه لا يريد أن تتحول ألمانيا إلى بلد يشبه كوريا الشمالية في قمعه لحرية التعبير.

الكاتب الألماني في الضفة الغربية (الجزيرة مباشر)

اهتمام مبكر بالقضية الفلسطينية

وعن بدايات اهتمامه بالقضية الفلسطينية، أوضح أن التحول الحقيقي في نظرته جاء خلال حرب غزة عام 2014، حين كان يزور مستشفى الشفاء ويرى الأطفال الفلسطينيين يموتون يوميا تحت القصف الإسرائيلي. ومنذ تلك اللحظة قرر أن يكون صوتا داعما لحقوق الفلسطينيين، مؤكدا أنه لا يستطيع الصمت أمام المذابح التي ترتكب بحق المدنيين.

وأضاف أن اهتمامه بالشرق الأوسط بدأ منذ شبابه عندما كان طالبا في باريس، حيث شاهد المظاهرات المؤيدة لاستقلال الجزائر، فقرر زيارة الجزائر خلال حربها ضد فرنسا، وهناك اكتشف زيف الروايات الغربية التي وصفت الجزائريين بالإرهابيين، وقال إنه لمس بنفسه كرم الضيافة لدى العرب، ومنذ ذلك الحين أصبح أكثر انحيازا لقضايا الحرية والعدالة في المنطقة.

“المقاومة الفلسطينية حق”

وفيما يتعلق بلقائه بالقيادي في حركة حماس الدكتور باسم نعيم، أوضح تودنهوفر أنه انتقد ما قامت به الحركة عندما اجتازت الحدود وقتلت مدنيين، لكنه استمع في المقابل إلى وجهة نظر نعيم الذي أكد أن حماس تمثل حركة مقاومة في مواجهة الاحتلال.

وأشار إلى أن هناك الكثير من الأكاذيب التي روجها الجيش الإسرائيلي، مثل الادعاءات حول قطع رؤوس الأطفال، وهي روايات لم يثبتها أي دليل حقيقي، وتندرج في إطار الدعاية الحربية. وقال إنه لا ينكر مقتل مدنيين على يد حماس، لكنه يرفض استغلال ذلك لتبرير جرائم أكبر ترتكب بحق الفلسطينيين.

وفي ختام حديثه، أكد يورغن تودنهوفر أن للفلسطينيين حقا مشروعا في المقاومة بعد عقود من الاحتلال، مشددًا على أن هذا الموقف نابع من إيمانه بالعدالة والمساواة، وأنه سيواصل الدفاع عن حرية التعبير وحق الشعوب في تقرير مصيرها مهما كان الثمن.

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان