رغم مرور نحو عام ونصف.. السلطات التونسية تواصل احتجاز ناشطين بتهمة مساعدة مهاجرين

ما زالت قضية احتجاز مسؤولي فرع منظمة “أرض اللجوء” في تونس منذ مايو/أيار 2024 تثير انتقادات محلية ودولية، بعدما وُجهت إليهم تهم تتعلق بـ”تقديم المساعدة لمهاجرين في وضع غير نظامي”، رغم أن منظمتهم بُرّئت من جميع التهم المنسوبة إليها.
وتتعلق القضية بكل من المديرة التنفيذية السابقة للمنظمة شريفة الرياحي، ومدير الفرع عياض البوسالمي، والمدير الإداري والمالي محمد جوعو، الذين أُوقفوا بعد قيامهم بأنشطة إنسانية تشمل إيواء مهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء وتقديم المساعدة إليهم.
اقرأ أيضا
list of 4 items- list 1 of 4تونس.. حكم بإعدام عامل إثر منشورات تنتقد قيس سعيّد
- list 2 of 4أسرة التونسي شوشان تعلق على الحكم بإعدامه بسبب منشورات انتقدت قيس سعيد (فيديو)
- list 3 of 4تونس.. مظاهرات حاشدة في قابس للمطالبة بإغلاق مجمع كيميائي (فيديو)
- list 4 of 4“فقدت بصري بسببه”.. غضب متصاعد في محافظة قابس التونسية بسبب أضرار المجمع الكيميائي على الأهالي (شاهد)
وأشار وزير الصحة التونسي الأسبق محمد صلاح بن عمّار، في مقال بمجلة “لونوفيل أوبسرفاتور” الفرنسية، إلى أن القضية تكشف “انحرافا خطيرا في بلد أصبحت فيه الرحمة جريمة، والتضامن محل شبهة” على حد قوله.
وقالت مصادر حقوقية تونسية ودولية، من بينها منظمة العفو الدولية، إن شريفة الرياحي اعتُقلت فور عودتها من إجازة أمومة، تاركة طفلين صغيرين خلفها.
“احتجاز تعسفي”
وتستند النيابة العامة في ملاحقة الثلاثة إلى المادة 96 من القانون الجنائي التونسي، التي تجرّم “إساءة استخدام الوظيفة”، في حين تحدَّث بن عمار عن غياب أي أدلة على الفساد أو الإثراء غير المشروع.
واعتبر محامو الدفاع، وفق بن عمار، أن استمرار احتجازهم هو “احتجاز تعسفي يخالف منطق العدالة”، وخصوصا أن المنظمات الدولية التي تقوم بالمهام الإنسانية نفسها، مثل المنظمة الدولية للهجرة، تعمل في تونس بشراكة رسمية مع الحكومة.
وقال بن عمار إن هذه القضية “تعبّر عن تحوُّل سياسي في الخطاب الرسمي التونسي خلال العامين الماضيين، مع تصاعد لهجة التحذير من ما تصفه السلطات بـ”خطر الهجرة غير النظامية” و”التهديد الديمغرافي”.
وأضاف أن القضية “تكشف انحرافا خطيرا في بلد أصبحت فيه الرحمة جريمة، والتضامن محل شبهة”.
من جانب آخر، ربطت تقارير حقوقية بين هذه الملاحقات والاتفاق الذي وقّعته تونس مع الاتحاد الأوروبي في 2023 للحد من تدفق المهاجرين مقابل دعم مالي ودبلوماسي، معتبرة أن تشديد القبضة على الجمعيات الإنسانية يمثل “رسالة طمأنة إلى بروكسل” بشأن التزام تونس بسياسات الردع والهجرة.
وتستمر المطالب من منظمات المجتمع المدني بإطلاق سراح الموقوفين فورا، ووقف ما تصفه بـ”تجريم العمل الإنساني”، في حين لم تصدر السلطات التونسية بعدُ أي بيان رسمي بشأن احتمال مراجعة القضية.