السودان.. مقتل واختفاء المئات بعد سقوط مدينة الفاشر (فيديو)

أفادت شبكة أطباء السودان بوصول 642 نازحا من الفاشر إلى منطقة الدبّة بالولاية الشمالية. يأتي ذلك فيما قالت المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن المئات من المدنيين والمقاتلين العزّل في السودان ربما يكونون قد قتلوا خلال سيطرة الدعم السريع على المدينة المحاصرة منذ مدة طويلة.

وسقطت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، التي كانت آخر معقل كبير للجيش السوداني في الإقليم الذي يقع غربي السودان، في يد قوات الدعم السريع يوم الأحد، لينتهي حصار استمر 18 شهرا.

مقتل المئات من المدنيين

وقال المتحدث باسم مكتب المفوضية (سيف ماجانجو) في إفادة صحفية بجنيف، الجمعة، “نقدر أن عدد القتلى من المدنيين ومن أصبحوا عاجزين عن القتال خلال هجوم الدعم السريع على المدينة وطرق خروجها وفي الأيام التي تلت الاستيلاء عليها ربما يصل إلى المئات”.

وتحدث عن شهادات عن عمليات إعدام دون محاكمة وقتل جماعي، فيما وصف أحد الشهود مقتل بضع مئات من الرجال على يد مقاتلين رددوا عبارات عنصرية، ثم بدأوا في إطلاق النار.

ووصف قائد رفيع في قوات الدعم السريع روايات القتل بأنها “مبالغة إعلامية” من قبل الجيش والمقاتلين المتحالفين معه “للتغطية على هزيمتهم وخسارتهم للفاشر”، على حد قوله.

وذكر أيضا أن عشرات الآلاف من الأشخاص فروا من المدينة وسط الاضطرابات، وأن بعض الشهادات حول الفظائع التي ارتُكبت في الفاشر جاءت من ناجين اضطروا للسير على الأقدام لمدة 3 أو 4 أيام إلى بلدة طويلة.

وأشار ماجانجو إلى أن المكتب تلقى شهادات من عاملين في مجال الإغاثة تفيد بأن 25 امرأة على الأقل تعرضن للاغتصاب الجماعي عندما دخل مقاتلو قوات الدعم السريع إلى مأوى للنازحين بالقرب من الجامعة هناك.

وقال للصحفيين “يؤكد الشهود أن أفرادا من قوات الدعم السريع، اختاروا نساء وفتيات واغتصبوهن تحت تهديد السلاح، مما أجبر بقية النازحين، وهم نحو 100 أسرة، على مغادرة المكان وسط إطلاق النار وترهيب للسكان الأكبر سنا”.

وقالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريك إن الانتهاكات في الفاشر لا يمكن تبريرها، وأضافت في بيان أن “حياة الناس في السودان تعتمد الآن على اتخاذ إجراءات حازمة لوقف هذه الفظائع”.

مقتل واختفاء المئات

وقالت (رويترز) في تقرير “جمع مقاتلون على ظهور جمال نحو 200 رجل قرب مدينة الفاشر مطلع الأسبوع، واقتادوهم إلى مكان، وهم يرددون ألفاظا عنصرية قبل أن يبدأوا في إطلاق النار، وذلك وفقا لرواية رجل قال إنه كان بينهم.

وأوضح الرجل، ويُدعى الخير إسماعيل، في مقابلة مصورة أجراها معه صحفي محلي في بلدة طويلة بإقليم دارفور غربي البلاد، أن أحد الخاطفين تعرف إليه من أيام الدراسة وتركه يهرب، وأضاف إسماعيل “قال ليهم ما تقتلوه”، حتى بعد أن قتلوا كل من معه بمن فيهم أصدقاء له.

وأشار إلى أنه كان يُحضر الطعام لأقاربه الذين كانوا لا يزالون في المدينة عندما سيطرت عليها قوات الدعم السريع يوم الأحد، وكان، كغيره من المعتقلين، لا يحمل سلاحا.

وكان إسماعيل -لم تتمكن (رويترز) بعد من التحقق من روايته- واحدا من 4 شهود، و6 من موظفي الإغاثة أجرت معهم مقابلات، وقالوا أيضا إن الفارين من الفاشر جُمعوا في قرى مجاورة، وفُصل الرجال عن النساء، ثم تم إبعادهم.

وفي رواية سابقة، نقلت (رويترز) عن أحد الشهود قوله إن دوي إطلاق نار سُمع بعد ذلك، فيما حذر ناشطون ومحللون من عمليات قتل انتقامية على أساس عرقي من قبل قوات الدعم السريع، إذا سيطرت على الفاشر، آخر معقل للجيش السوداني في دارفور.

إطلاق النار على أسرى عزّل

وذكرت (رويترز)، أنها تحققت من 3 مقاطع “فيديو” على الأقل نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر رجالا يرتدون زي قوات الدعم السريع وهم يطلقون النار على أسرى عزّل، ومن 12 مقطعا آخر تظهر فيها مجموعات من الجثث بعد إطلاق نار، على ما يبدو.

وأفاد شهود لمنظمة أطباء بلا حدود بأن مجموعة مكونة من 500 مدني وجندي من القوات المسلحة السودانية والجماعات المتحالفة معها حاولت الهرب في 26 أكتوبر/تشرين الأول، لكن معظمهم قتلوا أو أُسروا على يد الدعم السريع.

وذكرت المنظمة أن “ناجين أفادوا بفصل الأفراد عن بعضهم البعض حسب الجنس والعمر أو الهوية العرقية، ولا يزال الكثير منهم قيد الاحتجاز للحصول على فدى تتراوح بين خمسة ملايين و30 مليون جنيه سوداني (ثمانية آلاف إلى 50 ألف دولار)”.

وترسخ سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر مسألة تقسيم السودان الذي تقلصت مساحته بالفعل بعد استقلال جنوب السودان عنه في عام 2011 عقب حرب أهلية استمرت عقودا.

“لا يمكننا القول إنهم أحياء”

وقالت ماري بريس، مستشارة الحماية في منظمة “قوة السلام اللاعنفية”، وهي منظمة غير حكومية تعمل في منطقة (طويلة) إن الواصلين “هم من النساء والأطفال وكبار السن من الرجال بشكل عام”، وأضافت أن الشاحنات التي نظمتها الدعم السريع نقلت بعض الأشخاص من قرني إلى الطويلة بينما نُقل آخرون إلى مكان آخر.

ونشرت قوات الدعم السريع أمس مقطع “فيديو” قالت إنه يُظهر تقديم مساعدات غذائية وطبية للنازحين في غارني، فيما قال عمال الإغاثة إن القوات ربما تحاول أيضا إبقاء الناس في البلدات التي تسيطر عليها لجذب المساعدات الأجنبية.

وكان نحو 260 ألف شخص لا يزالون في الفاشر وقت الهجوم، لكن لم يتم إحصاء سوى 62 ألف شخص في أماكن أخرى، ولم يكن هناك سوى آلاف عدة منهم في منطقة الطويلة التي تسيطر عليها قوة محايدة.

تفتيش وإهانة

وفي شهادة أخرى من الشهادات التي حصلت عليها (رويترز) وتحققت منها، قالت تهاني حسن، وهي عاملة نظافة سابقة في مستشفى، إنها فرت إلى الطويلة في وقت مبكر من يوم الأحد بعد مقتل زوج شقيقتها وعمها برصاص طائش.

وأضافت أنه في الطريق، ألقى 3 رجال يرتدون زي قوات الدعم السريع القبض عليها وعلى أسرتها وقاموا بتفتيشهم وضربهم وإهانتهم، وقالت “ضربونا بشدة.. ألقوا بملابسنا على الأرض.. حتى أنا كامرأة تم تفتيشي”.

ووصلوا في نهاية المطاف إلى غارني حيث فصل المقاتلون النساء والأطفال عن الرجال، ولم ير غالبيتهم ذويهم مرة أخرى، بما في ذلك شقيق تهاني وزوج أختها الثانية.

وقالت تهاني “لا يمكننا أن نقول إنهم أحياء، بسبب الطريقة التي عاملونا بها، إن لم يقتلوهم فإن الجوع والعطش سيقتلهم”.

المصدر: الجزيرة مباشر + رويترز

إعلان