من قلب الجحيم إلى بر الأمان.. نازحون من الفاشر يروون كيف تحولت مدينتهم إلى ركام وجوع وموت

وصلت إلى مدينة الدبة في الولاية الشمالية مجموعة من النازحين السودانيين الفارين من مدينة الفاشر بشمال دارفور، بعد رحلة فرار استمرت أياما طويلة بين نيران المعارك وانعدام الغذاء والماء، وسط مشاهد قالوا إنها “تفوق الوصف وتكسر القلب”.

وقالت عزيزة حماد، وهي نازحة من حي الفاشر السنوية، إن معاناتهم بدأت قبل سقوط المدينة كلها بأيدي الميليشيات المسلحة، حين كانت القذائف تتساقط ليلا والروائح الكريهة تفوح من الشوارع بعد تكدُّس الجثث.

وأضافت للجزيرة مباشر “بقينا في العمارة 18 يوما بلا أكل ولا ماء، وكل يوم نسمع عن 10 أو 15 قتيلا في السوق المركزي، حتى الكلاب صارت تأكل جثث الناس. والله ما كنا نتخيل الفاشر تبقى كده”.

مشهد الهروب

ووصفت عزيزة مشهد الهروب، قائلة “طلعنا بالليل نمشي في المزارع، قابلونا صغار عمرهم 13 و14 سنة، فتّشونا وشالوا تليفوناتنا، وفي الطريق شفنا الناس مرمية في الشوارع، ما في دفن ولا أمان”.

وتابعت “الأسعار في الفاشر نار، كيلو العيش 550 ألف، والسكر 600، واللحمة 250 ألف. الناس جاعت تماما، وجيشنا ذاته ما لاقي يأكل ولا يشرب”.

أما عايدة إبراهيم، وهي أيضا من نازحات الفاشر، فقد وصلت إلى الدبة وهي مصابة في قدمها ويدها بعد أسابيع من القصف ونقص العلاج.

“الفاشر كانت جحيما”

وقالت للجزيرة مباشر “الفاشر كانت جحيم. الناس مقتولة في الجوامع والمستشفيات، والجثث في الشوارع ما مدفونة، واللي يقدر يمشي يطلع، واللي ما بيقدر يموت من الجوع أو القذائف”.

وأضافت وهي تبكي “فقدنا ناس كتير. أخوي معسور عند الجماعة، وما عرفنا عنه شي. في الطريق شفنا جثث كتيرة، القديمة بياكلوها الكلاب، والجديدة بتتناثر في الأحياء”.

وأكد النازحون الذين وصلوا إلى الدبة أن الأهالي هناك فتحوا بيوتهم، وقدَّموا الطعام والماء للواصلين الجدد، في وقت يعيش فيه الآلاف ممن بقوا في الفاشر تحت الحصار والعطش.

وختمت عايدة قائلة “الحمد لله، ربنا رفع قدمنا وجينا سالمين، بس قلبي في الفاشر، وأهلي لسه هناك تحت النار”.

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان