مع تصاعد الحرب التجارية مع الصين.. ما الذي يريده ترامب؟ وهل ينجح؟ خبراء يجيبون

قال مسؤول بالبيت الأبيض، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة ستفرض رسوما جمركية بنسبة 104% على الصين بدءا من الساعة 04:00 بتوقيت غرينتش، غدا الأربعاء.
وفرض ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي رسوما جمركية بنسبة 20% على المنتجات الصينية، ثم فرض عليها رسوما جديدة بنسبة 34% الأسبوع الماضي، ضمن تعريفات جمركية واسعة على عدد كبير من دول العالم.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsترامب يلوح بـ”صفقة عادلة” والصين تؤكد “الباب المفتوح” للتفاوض (فيديو)
وول ستريت جورنال: البيت الأبيض يدرس خفض الرسوم الجمركية على الصين لهذا السبب
وزير الخزانة الأمريكي: المواجهة الحالية مع الصين لا يمكن أن تستمر ولابد من خفض التصعيد
وردَّت الصين بفرض رسوم جمركية بنسبة 34% على الواردات الأمريكية بدءا من الخميس 10 إبريل/نيسان، الأمر الذي رفضه ترامب وانتقده بشدة، وقرر فرض رسوم أخرى بنسبة 50% إذا لم تتراجع بيجين عن قرارها.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، الثلاثاء، إن على الصين التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية الإضافية.
وأضافت “يعتقد الرئيس ترامب أن على الصين إبرام اتفاق مع الولايات المتحدة”. وأوضحت أنه في حال الوصول إلى اتفاق “فسيكون ترامب كريما للغاية، لكنه سيفعل ما فيه مصلحة الشعب الأمريكي”.

الصين ترفض التعريفات الأمريكية
لكن الصين تعهدت، الثلاثاء، بمحاربة التعريفات الأمريكية “حتى النهاية”.
وأعلن المتحدث باسم وزارة التجارة أن “الصين لن تقبل بذلك أبدا”، مضيفا “إذا أصرت الولايات المتحدة على انتهاج طريقها الخاص فستحاربه الصين حتى النهاية”، داعيا في الوقت نفسه إلى “حوار متكافئ”.
من جهته، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان “إذا كانت الولايات المتحدة تريد حقا إجراء محادثات فيجب أن تتخذ سلوكا ينم عن مساواة واحترام ومنفعة متبادلة”.
ويثير تصعيد الحرب التجارية مع الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تساؤلات بشأن ما يهدف إليه ترامب تحديدا، ومدى قدرته على تحقيق مصالح الولايات المتحدة من خوض هذه الحرب.
أهداف ترامب من التعريفات الجمركية
ويرى الدكتور ممدوح سلامة، الخبير العالمي في اقتصاديات الطاقة والنفط، أن التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على اقتصادات العالم تهدف إلى تحقيق هدفين رئيسين، الأول إعادة بناء القدرة الصناعية للولايات المتحدة، والثاني حل مشكلة العجز التجاري للولايات المتحدة على حساب الدول المصدرة لها.
وأوضح سلامة أن “القاعدة الصناعية الأمريكية تأثرت كثيرا وانخفض حجمها بشكل كبير في العشرين سنة الماضية، بحيث وصلت القدرة الصناعية الأمريكية إلى 10% فقط من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، بينما يمثل القطاع الصناعي في الصين 30% من الناتج المحلي الإجمالي الصيني”.
ومن ثَم فإن “العجز الكبير في الميزان التجاري الأمريكي يرجع أساسا إلى ضعف القطاع الصناعي الذي لا يمكنه أن يفي بحاجة المواطنين الأمريكيين من السلع”، كما أوضح سلامة، مشيرا إلى أن “هذا هو السبب في أن الولايات المتحدة أصبحت أكبر مستورد في العالم بما يعادل 4 تريليونات دولار في عام 2024، ولديها عجز كبير في الميزان التجاري”.
الاقتصاد العالمي قد ينكمش
ويرى سلامة أن “ترامب يسعى لحل المشكلتين على حساب شعوب العالم ولكنه لن ينجح لأن الدول الأخرى سوف ترد بإجراءات انتقامية. وبالنسبة للصين، أكبر دولة مصدرة في العالم، فإن اقتصادها في وضع أفضل”.
وتابع قائلا “بفرض هذه التعريفات الجمركية، وهي ضرائب، يخلق ترامب فوضى في السوق العالمية، ويدفع الاقتصاد العالمي نحو الانكماش، وهذا سوف يؤثر كثيرا في اقتصاديات العالم كله، لكن تأثيره في الولايات المتحدة سيكون أكبر وأكثر ضررا”.
وأضاف أنه إذا اتجه الاقتصاد العالمي نحو الانكماش فسوف يقل الطلب العالمي على النفط والطاقة بشكل عام، مع تراجع النمو، كما ستتأثر أسعار الأسهم مع التوقعات بتراجع الطلب نتيجة ارتفاع التكاليف مع سلسلة من الرسوم الجمركية والإجراءات المضادة لها.

حالة من عدم اليقين
وأوضح زيان زوانة، خبير الاقتصاد السياسي والمستشار السابق بصندوق النقد الدولي، أن الأسواق المالية تحتاج إلى ثلاثة عوامل أساسية، هي الثقة والاستقرار والاطمئنان.
لكن قرارات ترامب خلال الشهرين الماضيين “جاءت بحالة من عدم اليقين والخوف والتقلبات الحادة، وبالتالي ارتبكت الأسواق وآليات عملها، الأمر الذي سيكون له تأثيرات سلبية على المستثمرين وآليات التمويل”، كما قال زوانة.
وتابع “لا أعتقد أن ترامب سيتراجع عن قرارته، خاصة أن خمسين دولة تطلب التفاوض مع إدارته للوصول إلى حل يرضي الطرفين ويخدم مصالحهما”، موضحا أن “استراتيجية ترامب قائمة على إرباك الخصم، ودفعه إلى التفاوض للحصول على ما يريده ترامب”.
ووفق رؤية زوانة، فإن “مصالح أمريكا متضررة في المدى القصير”، لكن على المدى الطويل فإن قرارت ترامب ربما ستخدم مصالحها، باختلاف المدى الزمني الذي تستغرقه هذه العملية، مثلا مع الصين سوف يتطلب الأمر فترة طويلة للتوصل إلى صفقة ترضي الطرفين”، وسيتوقف الأمر على ما يمكن التوصل إليه بين أكبر اقتصادين في العالم.
ويرى زوانة أنه في ظل هذه الحرب التجارية “سيبقى الذهب صامدا أكثر من غيره من المعادن، وأتوقع ارتفاعه ثانية بعد فترة الفوضى العالمية خلال الأيام الماضية. أما النفط فسيواصل انخفاضه إلى مستويات في حدود خمسين دولارا للبرميل، ما لم تتدخل أوبك بلس لدعم سعره”.