“رسالة مقلقة لكل رجل دين”.. إمام فرنسي يعلق على حكم بسجنه بسبب “طوفان الأقصى”

علّق الإمام الفرنسي إسماعيل بن جيلالي على الحكم القضائي الصادر بحقه من محكمة جنائية فرنسية بتهمة “تمجيد الإرهاب” على خلفية منشور بمنصة إكس عن طوفان الأقصى.
وقال في تصريحات للجزيرة مباشر إن مشاعره كانت “مزيجا من الحزن والقلق، ليس على المستوى الشخصي فحسب، بل أيضا لما يمثله هذا الحكم من تحديات مستقبلية لحرية التعبير، خصوصا بالنسبة للمسلمين في فرنسا“. وأضاف “أنوي الاستئناف لأنني مقتنع تماما ببراءتي، وأرفض أن أدان بناء على تأويلات أو انطباعات مرتبطة بصفتي الدينية لا على فعل غير قانوني”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsاقتحام مسجد في فرنسا وإحراق مصحف به
خطر الهدم يهدد بيوت المسلمين في أكبر حي إسلامي بالعاصمة الهندية
اختطاف وجلد وفرك الملح على الجرح.. “فيديو” تعذيب محمد يعقوب يصدم مسلمي الهند (شاهد)
وكانت المحكمة الجنائية في مدينة مارسيليا قد أصدرت، يوم الجمعة 30 مايو/أيار، حكما بحق الإمام الفرنسي إسماعيل بن جيلالي، وقضت بسجنه ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ، وفرضت عليه غرامة مالية قدرها 2000 يورو، بالإضافة إلى تعويض بقيمة 3500 يورو لرابطة مكافحة العنصرية ومعاداة السامية (ليكرا).
كما تضمَّن الحكم حرمانه من حقوقه المدنية والسياسية والعائلية لمدة خمس سنوات، وتسجيل اسمه في قاعدة بيانات مرتكبي الجرائم الإرهابية.
وأضاف بن جيلالي في تصريحاته أن التهمة الموجَّهة إليه استندت إلى “إعادة تغريد منشور كتبه شخص آخر، لم يُحاسَب عليه ولم يحذف أصلا”. وأضاف “القاضية رأت أن كوني إماما يجعل من إعادة نشر هذا المنشور أمرا حساسا، لأن جمهوري، بحسب تعبيرها، قد يسيء الفهم”. واعتبر أن “ما يُعَد قانونيا لمواطن عادي، يتحول إلى جريمة عندما يصدر عن إمام بسبب صفته الدينية”.
وتابع “هذا الأمر لا يخصني فقط، بل يبعث برسالة مقلقة لكل من يزاول وظيفة دينية أو يعبّر عن رأيه في قضايا حساسة مثل القضية الفلسطينية”.
📹 "Il y a des pressions derrière" affirme Smaïn Bendjilali
►A Marseille, l'imam de la mosquée des Bleuets est condamné à six mois de prison avec sursis pour apologie du terrorisme
A LIRE ICI ➡️ https://t.co/NiBxd3gLjU pic.twitter.com/GfnI9jmnp3
— ici Provence (@ici_provence) May 30, 2025
تضييق على حرية التعبير في فرنسا
وعن واقع حرية التعبير في فرنسا، أعرب الإمام عن قلقه قائلا “هناك تضييق متزايد على حرية التعبير، خاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية أو المواقف السياسية للمسلمين”. وأشار إلى “ازدواجية في المعايير، حيث يُسمح للبعض بإطلاق تصريحات عنصرية ومعادية للإسلام دون محاسبة، بينما يُعامَل المسلم الذي يعبّر عن تضامنه مع فلسطين كمشتبه به أو خطر محتمل”.
وأكد بن جيلالي أنه لم يدعُ إلى العنف، موضحا “كل ما فعلته هو مشاركة رأي سياسي لا أتبناه أصلا، في إطار ما يُفترض أن يكون حقا مكفولا في الجمهورية تحت عنوان حرية التعبير”. لكنه شدَّد على أن “تجريم هذا الفعل لا يعود إلى مضمونه، بل لصفتي إماما، ولأن جمهوري -بحسب القاضية- غير مؤهل للفهم السليم، وهو ما يثير تساؤلات جوهرية حول مبدأ المساواة أمام القانون”.
وعن التغطية الإعلامية لقضيته في فرنسا، عبَّر عن استيائه قائلا “للأسف، تعامل الإعلام الفرنسي مع القضية بطريقة غير متوازنة، وغالبا ما تداول الرواية بشكل مجتزأ ودون تحقق”.
وأضاف “قليلون فقط حاولوا التواصل معي أو الاستماع لوجهة نظري. بدا وكأن الرواية كانت معدَّة سلفا، بهدف صناعة رأي عام سلبي تجاهي لا للفهم أو الإنصاف”. وتابع “هذا النوع من التناول الإعلامي لا يضر بي فقط، بل يعزز الصور النمطية السلبية عن المسلمين في فرنسا”.
الإبقاء على مهامه
وعن تأثير الحكم في عمله الديني، أكد بن جيلالي أن “الحكم لا يتضمن أي منع من ممارسة مهامي بصفتي إماما، وهذه نقطة أساسية يجب توضيحها”. وأضاف “طالما بقي ذلك ممكنا، سأواصل أداء دوري في التعليم والإرشاد وخدمة المجتمع بنفس المسؤولية والالتزام”.
يُذكر أن إسماعيل بن جيلالي -إمام مسجد لو بلويه في مرسيليا- ورد اسمه في تقرير حكومي فرنسي نُشر قبل أسبوع، حذر من نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في البلاد.
ووصف التقرير الإمام بأنه يميل إلى السلفية لكنه يتبنى في خطابه رموز الجماعة الإخوانية، مشيرا إلى شعبيته الكبيرة بين الشباب المسلمين بفضل إتقانه استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وأن مسجد لو بلويه والجمعيات التابعة له أصبحت ذات تأثير كبير في الحي على مدى السنوات الماضية.
ورغم صدور الحكم بالإدانة، فقد رفضت المحكمة طلب النيابة العامة بمنع الإمام نهائيا من ممارسة مهامه الدينية، وهو ما رآه فريق الدفاع خطوة إيجابية. وقال المحامي سيفان غويز لوكالة الصحافة الفرنسية إن “الإدانة جزئية”، مشيرا إلى أن المحكمة لم تستجب لأشد مطالب الادعاء، وأن خيار الاستئناف لا يزال قيد الدراسة.