ماذا قال الإعلام الإسرائيلي عن ياسر أبو شباب وميليشياته في غزة؟

ضجّت وسائل الإعلام الإسرائيلية في الآونة الأخيرة بتفاصيل لافتة حول تسليح مجموعات محلية في قطاع غزة تتعاون مع الاحتلال، وحظي الملف باهتمام واسع في وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية والصحف الإسرائيلية، حيث صوّرته بعض الأوساط كإحدى التجارب المطروحة للتعامل مع تحديات “اليوم التالي” في غزة.
وتطرح هذه التطورات أسئلة مركزية: من يقود هذه المجموعات؟ ما علاقتها المباشرة بالجيش الإسرائيلي وأجهزته الأمنية؟ ولماذا تولي إسرائيل كل هذا الاهتمام لمشروع يعيد إلى الأذهان تجارب سابقة في مناطق النزاع؟
اقرأ أيضا
list of 4 itemsنابلس.. شهيدان وعشرات الإصابات في اقتحام إسرائيلي واسع للبلدة القديمة (فيديو)
سرايا القدس تستولي على طائرة استخبارية إسرائيلية وترشق عسقلان بالصواريخ (فيديو)
قوات الشهيد عمر القاسم تعلن الاستيلاء على “متفجرات شديدة الانفجار” شرق غزة
من السجون إلى زعيم “ميليشيا”
بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ينتسب ياسر أبو شباب (32 عاما) إلى عشيرة التَرابين في رفح، وكان قبل الحرب منخرطا في “تجارة المخدرات وجرائم التهريب”، وقد “اعتُقل من قبل حركة حماس (الحكومة الفلسطينية في غزة) بتهم تتعلق بنشاطاته الإجرامية”.
غير أن خروجه من السجن كان دراميا، فقد أفادت تقارير في “هآرتس” و”يسرائيل هيوم” بأن “الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مقر الشرطة الفلسطينية أدّت إلى هدم السجن الذي كان فيه، ففرّ تحت غطاء القصف”.
بعد هروبه، أسس أبو شباب “ميليشيا” أطلق عليها اسم “القوات الشعبية”، زاعما أن هدفها “تأمين المساعدات الإنسانية وحماية الأهالي من ‘فوضى’ حماس”، لكن الواقع، كما تكشف تقارير متعددة، أكثر تعقيدا وإشكالية.
فالمجموعة المسلحة التي يقودها “لا تحمل أيديولوجيا واضحة، ولا تحظى بشرعية اجتماعية واسعة”، بل إن طابعها “يتقاطع مع عالم الجريمة أكثر مما يتقاطع مع مشاريع العمل السياسي”، رغم ما ألمحت إليه وسائل إعلام محلية من “تغطّي المجموعة المسلحة بشعارات تقول بالولاء لـ’الشرعية’ في رام الله”، في إشارة إلى السلطة الفلسطينية.
دعم إسرائيلي معلن.. وتنسيق يتكشّف تدريجيا
أفاد تقرير على موقع “هيئة البث الإسرائيلية (كان)” بأن “مشروع تسليح الميليشيات كان من بنات أفكار الشاباك”، و”جرى طرحه في اجتماع خاص جمع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ورئيس الشاباك المنتهية ولايته، رونين بار. وشارك في التنسيق رئيس هيئة الأركان ووزير الدفاع”.
أما مصدر السلاح، فكان من “غنائم حماس التي صادرتها إسرائيل”، وفق تصريح صادم لأفيغدور ليبرمان، وزير الأمن الإسرائيلي السابق، الذي قال إن “نتنياهو أمر بتسليح عائلات إجرامية في غزة، دون موافقة الكابينيت”.
ورد مكتب رئيس الحكومة بتصريح غامض، لم ينفِ الاتهامات، قائلا فقط: “إسرائيل تعمل على دحر حماس بطرق متعددة ومتنوعة”.
على الأرض: معسكرات، خوذات، وعلم فلسطين
وغاصت تقارير “هآرتس” في تفاصيل نشاط “الميليشيا”، مستندة إلى “صور أقمار صناعية ومواد مصوّرة تُظهر عناصر أبو شباب وهم يوزّعون مساعدات في شرق رفح، ويؤمّنون قوافل غذائية، ويرتدون زيا مموها مع خوذات تحمل شعارا يقول: “جهاز مكافحة الإرهاب”، وأحيانا، علم فلسطين“.
وبحسب “خرائط الأمم المتحدة وتقارير هآرتس”، تمركزت أنشطة المجموعة في “شريط ضيق بين محوري موراغ وصلاح الدين”، وهي منطقة تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي منذ أشهر.
وأشار التقرير إلى أن “بعض أفراد المجموعة هم من أفراد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية سابقا”، بل إن “أسماءهم وردت في وثائق داخلية للأمم المتحدة كجهات متورطة في نشر الفوضى ونهب المساعدات'”.
وفي تقريرها، نقلت “القناة 12 الإسرائيلية” اقتباسا لاذعا عن ضابط إسرائيلي: “لا أحد يطلق النار عليهم. ولا أحد قال لنا من هؤلاء؟ لقد ظهروا فجأة. ونحن فقط نراقب”.
المقاومة ترد
ولم تترك المقاومة الفلسطينية هذه الظاهرة تمرّ دون رد، فقد اتهمته رسميا بـ”العمالة لإسرائيل” وتنفيذ “أجندتها لشق الجبهة الداخلية”، وكشفت صحيفة “يسرائيل هيوم” أنه في إحدى الغارات، “فجّر مقاتلو حماس عبوة ناسفة عن بُعد، ما أسفر عن مقتل عدد من عناصر الميليشيا”.
لكن أبو شباب ظهر في اليوم التالي متحديا، حيث نشر مقطع “فيديو” جديدا دعا فيه سكان شرق رفح إلى “العودة إلى منازلهم”، قائلا: “وفرنا الأمن والغذاء والدواء. ونحن نعمل تحت الشرعية الفلسطينية”، في إشارة غامضة إلى السلطة الفلسطينية.
انتقادات إسرائيلية: “هذا جنون.. والسلاح سينقلب علينا”
حتى داخل إسرائيل، واجهت هذه الخطوة انتقادات حادة، فهاجم زعيم المعارضة، يائير لابيد، السياسة بقوة: “بعد أن أنهى نتنياهو ضخ الأموال لحماس، بدأ بتسليح مجموعات قريبة من داعش. هذا جنون”، وحذّر قائلا: “السلاح الذي يدخل غزة اليوم، سيتوجه لاحقا ضد جنود الجيش ومواطني إسرائيل”.
وانضمّت عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة إلى صفوف المنتقدين، مُعبّرة عن قلق عميق في بيان: “في الأسبوع الذي تخشى فيه أجهزة الأمن من اختطاف جديد على يد ميليشيات، نكتشف أن الحكومة تسلح تلك الميليشيات نفسها”.