“كأنها لعبة الحبار”.. ناشط يوثق اصطياد الاحتلال للفلسطينيين عند نقاط توزيع الطعام (فيديو)

يستيقظ يوميا كغيره من أبناء غزة الجوعى ليأخذ دوره في الركض والوقوف في طوابير لا تنتهي للحصول على المساعدات تحت زخات الرصاص وسط القطاع.

مشهد يصفه الناشط الفلسطيني إبراهيم القطراوي بـ”لعبة الحبار” -في إشارة إلى المسلسل الكوري الشهير- إذ تُجبَر مع كُثر على الركض، وبعد لحظات يجب أن تتوقف قبل أن تباغتك رصاصة الصياد في اللعبة (الجيش الإسرائيلي على أرض غزة).

بدأ الناشط الفلسطيني رحلته بتوثيق لحظات الرعب التي يخلفها الهجوم الإسرائيلي المتكرر على نقاط توزيع المساعدات، وفق الآلية الأمريكية الإسرائيلية التي تدينها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

لم يجد القطراوي سبيلا غير هذا المحفوف بأخطار الإصابة والقتل، حتى يطعم عائلته وينقذها من الموت جوعًا، وإن كلفه الأمر حياته، على حد تعبيره.

الأونروا أكدت فشل نظام توزيع المساعدات الحالي في غزة
الأونروا أكدت فشل نظام توزيع المساعدات الحالي في غزة (رويترز)

يروي الناشط الذي يقطن مخيم النصيرات أنه يخرج قبل 4 أو 5 ساعات من موعد فتح نقطة توزيع المساعدات قرب محور نتساريم الواقع تحت سيطرة الاحتلال -وسط غزة- ليسير عدة كيلومترات مشيًا على الأقدام حتى يصل إلى النقطة، وبعدها يحاول التسلل نحو المنطقة الأقرب للبوابة ليوثق خلالها الاعتداءات المتوقعة على الجوعى الفلسطينيين من خلال هاتفه المحمول.

ويؤكد القطراوي، أن المجازر الإسرائيلية تبدأ عند لحظة انسحاب الجيش الإسرائيلي من أمام بوابة نقطة توزيع المساعدات فجرا، حينما تبدأ جموع الجائعين التقدم نحوها.

وزاد “بلا أي سبب يبدأ الجيش الإسرائيلي باصطياد كل من يتقدم نحو البوابة، مما يدفع الفلسطينيين لإلقاء أنفسهم على الأرض في محاولة لحماية أنفسهم من رصاص جنود الاحتلال، بينما يواصل آخرون الزحف في محاولة للوصول إلى البوابة لتأمين لقمة العيش”.

وخلال تلك العملية يعجز الفلسطينيون عن إسعاف المصابين أو نقل الشهداء، إذ إن المنطقة التي يوجدون فيها قاحلة وتبعد عن المستشفى عدة كيلومترات، مما يعرضهم لخطر استهداف إسرائيلي جديد.

أما عن الذين يحاولون الوصول إلى نقاط توزيع المساعدات، فيعيشون حالة من الرعب خوفًا من العودة إلى الخيام دون الحصول على ما خرجوا لأجله، بعض الطعام، حيث ينتظرهم أطفالهم وأهاليهم الجوعى المتلهفون للطعام.

ولجأ الناشط الفلسطيني القطراوي إلى الانخراط في رحلة الحصول على المساعدات بعد أن انعدمت سبل الحصول على الطعام، خاصة بعد إغلاق إسرائيل للمعابر أمام دخول المساعدات الإنسانية، موضحًا أنه سعى إلى توثيق هذه الرحلة لإيصال صوت المدنيين الجائعين إلى العالم.

ووصف أصعب المواقف التي وثقها، حين سقطت قنبلة إسرائيلية أسفل قدميه خلال هجوم إسرائيلي على المدنيين بالرصاص والقنابل. وأكمل: “كما أن أصعب المواقف كانت عندما فتح الجيش بوابة نقطة المساعدات، وترك الفلسطينيين يركضون نحوها في شارع صلاح الدين، وفجأة شرع في إطلاق مكثف للنيران صوبهم”.

وتابع الناشط الغزاوي “فجأة الناس استلقوا أرضا، وكان الرصاص يطير فوق رؤوسهم، بينما يستنجد المصابون للمساعدة، ونحن عاجزون عن الحركة”.

ورغم أن المشاهد التي وثقها القطراوي في عدسته لاقت رواجًا على منصات التواصل الاجتماعي، فإنه يقول إن “العالم لا يشعر بمعاناتهم”.

وعلى الجانب الآخر داخل خيام النزوح، هناك معركة من نوع آخر يعيشها أهالي الشبان الذين يتوجهون للحصول على المساعدات، حيث يمرون بلحظات عصيبة وسط حالة من القلق على حياة ذويهم.

يقول القطراوي إن أسرته، كآلاف العائلات، ترفض توجهه إلى تلك النقاط من أجل تسلم المساعدات خشية إصابته أو مقتله.

ويضيف أنه يذهب إلى هناك مجبرًا ومدفوعًا بحالة الجوع الشديد التي يرى عليها أفراد عائلته رافضًا أن يقعوا ضحايا للتجويع.

وتابع الناشط الفلسطيني: “الموضوع صعب جدا، بل غير مجدٍ، خاصة أنك تغامر بروحك من أجل القليل من الطعام”.

فلسطيني يحمل حصته من المساعدات في خان يونس جنوب غزة-26 يونيو/حزيران
فلسطيني يحمل حصته من المساعدات في خان يونس بجنوب غزة -26 يونيو/حزيران (رويترز)

ووفق وزارة الصحة الفلسطينية، تم توثيق قتل 583 وأكثر من 4 آلاف و186 مصابا حتى يوم الأحد الماضي عند نقطة توزيع المساعدات.

وفي مايو/أيار الماضي، أنشأ الجيش الإسرائيلي 4 نقاط لتوزيع المساعدات ضمن آليته الجديدة، 3 منها في الجنوب وواحدة قرب محور “نتساريم” وسط القطاع، وفق بيانات سابقة للجيش.

وكانت صحيفة هآرتس قد نشرت اعترافات لجنود حول إعدامات ميدانية بحق المدنيين الفلسطينيين في نقاط التوزيع، إذ يطلقون عليهم النار دون مبرر ودون وجود تهديد حقيقي.

المصدر: الأناضول + الجزيرة مباشر

إعلان