كيف “يغتسل” مخ الانسان؟ دراسة تكشف مفاجأة جديدة أثناء النوم

على مدار عقود طويلة، ظل العلماء يفكرون في مشكلة أساسية، وهي كيف يتخلص مخ الانسان من النفايات التي يفرزها أثناء العمل والتفكير طوال اليوم، والتي تتضمن بروتينات وجزيئات زائدة قد تتحول إلى مواد سامة في حالة عدم التخلص منها.
ومن بين ما يفرزه المخ خلال اليوم بروتينات “أميلويد بيتا وتاو” التي تعتبر من المسببات الأساسية لمرض الزهايمر.
اقرأ أيضا
list of 4 items- list 1 of 4ثلاثية السعادة النفسية.. وصفة علمية تقلب حياة الشباب رأسا على عقب
- list 2 of 4نيوزيلندا أكثر الشعوب نوما واليابانيون أقلها.. ماذا عن العرب وفق إحصاءات 2025؟
- list 3 of 4كيف يحافظ النوم العميق على مناعتك ويجدد نشاطك كل يوم؟
- list 4 of 4أمراض القلب الصامتة: إشارات بسيطة لا يجب تجاهلها
وبالنسبة لباقي أعضاء الجسم، يقوم الجهاز الليمفاوي بالتخلص من هذه الفضلات حيث تنتقل السوائل الزائدة إلى الطحال والعقد الليمفاوية وأجزاء أخرى من الجهاز الليمفاوي قبل أن تمر إلى مجرى الدم بحيث يتم التخلص منها.
لكن هذه العملية الحيوية لا يمكن أن تتم بنفس الطريقة داخل المخ بسبب ما يعرف باسم الحاجز الفاصل بين المخ والدم، وهو غلاف واق يمنع انتقال العدوى إلى الخلايا العصبية داخل المخ ولكنه بالمثل يمنع أيضا انتقال أي شيء خارجي إلى المخ.
نظام لطرد الفضلات السامة
وفي عام 2012، توصل فريق بحثي بجامعة روشستر الأمريكية برئاسة أخصائية طب الأعصاب مايكن نيدرجارد إلى وجود نظام دوري لم يكن معروفا من قبل لطرد الفضلات السامة من المخ.
وتبين من خلال أبحاث على فئران التجارب تدفق السائل النخاعي داخل أنفاق حول الأوعية الدموية في المخ، حيث تمر هذه القنوات على نوعية من خلايا المخ تعرف باسم “الخلايا النجمية” وتختلط بما يعرف باسم “السوائل الخلالية”، حيث تقوم بجمع الفضلات و حملها خارج المخ عبر مساحات حول الأوعية الدموية.
وقالت مايكن نيدرجارد في تصريحات للموقع الإلكتروني (ساينتفيك أمريكان) المتخصص في الابحاث العلمية “أثناء الاستيقاظ تتوقف عملية التنظيف، ويرجع السبب في ذلك على الأرجح إلى أن دقة عمل الأنظمة العصبية اللازمة لمعالجة مؤثرات العالم الخارجي لا تتوافق مع عملية الاغتسال”.
عملية “إعادة ضبط”
وتؤكد هذه النتائج أن عملية اغتسال المخ التي تم اكتشافها مؤخرا هي واحدة من أهم فوائد النوم.
وتوضح مايكن نيدرجارد أنه “عندما تستيقظ وأنت تشعر بالنشاط بعد فترة من النوم الهادئ، فإن ذلك يرجع على الأرجح إلى أن المخ تعرض لعملية إعادة ضبط على غرار ما يحدث في حالة صيانة السيارة”.

آثار الحرمان من النوم
وفي دراسة مماثلة على البشر أجريت عام 2021، قام جراح الأعصاب بيير كريستيان إيدي من مستشفى جامعة أوسلو النرويجية بحقن متتبعات فلورية لمتابعة تدفق السوائل النخاعية لدى مجموعة من المرضى المتطوعين، مع تقسيمهم إلى مجموعتين، حيث تم السماح لأفراد المجموعة الأولى بالنوم بشكل طبيعي طوال الليل وإبقاء أفراد المجموعة الثانية مستيقظين خلال نفس الفترة.
وتم إجراء عملية تصوير بالرنين المغناطيسي لأفراد المجموعتين مرتين أثناء الليل ثم في اليوم التالي. وتبين خلال التجربة أن حركة المتتبعات الفلورية التي ترصد تدفق السائل النخاعي كانت بطيئة بشكل كبير لدى المتطوعين الذين لم يسمح لهم بالنوم.
وظهر أيضا أنه حتى بعد السماح لهم بالنوم في الليلة التالية، ظل معدل تدفق السائل النخاعي لديهم بطيئا مقارنة بأفراد المجموعة الأخرى، مما يدل على أن آثار الحرمان من النوم لا يمكن تعويضها بسهولة بمجرد النوم في الليلة التالية.
وأكد إيدي أنه “رغم اختلاف آلية عمل النظام الجليمفاوي بين البشر والفئران بشكل عام حيث تحدث التغيرات في العقل البشري خلال ساعات وليس خلال دقائق مثل الفئران، فمن المؤكد أن العقل البشري أيضا يغتسل أثناء النوم، وأن نقص النوم يؤثر بالفعل سلبيا على آلية عمل هذه المنظومة”.
الارتباط بمرض الزهايمر
وأمضى الباحثون السنوات العشر الماضية في دراسة ما إذا كانت عملية اغتسال المخ تحدث لدى الانسان على غرار ما يحدث في حالة الفئران، وقد توصلت الأبحاث إلى إثبات صحة هذه النظرية، بل وأن الموجات الكهربائية التي تتحرك داخل المخ أثناء النوم، تقوم بدفع السائل النخاعي داخل المخ وخارجه
ومن جانبه، يؤكد جيفري إيليف استاذ طب النفس والأعصاب بجامعة واشنطن أهمية ما يعرف باسم النظام “الجليمفاوي” الذي يقصد به آلية تنظيف المخ وإزالة الفضلات التي تتم أثناء نوم الانسان.
ويقول في تصريحات لموقع “ساينتيفك أمريكان” أن تعطل هذه المنظومة يؤدي على الأرجح إلى الإصابة باضطرابات عصبية ونفسية من بينها مرض الزهايمر.
ويرى أن تعطل النظام الجليمفاوي قد يفسر سبب اختزان المخ لبروتينات “الأميلويد وتاو” في مرحلة الشيخوخة.