ضربات ترامب الجمركية بين التعليق والتنفيذ.. ترقب مصري وجدل متزايد حول المكاسب والخسائر

رغم قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليق الرسوم الجمركية بعد ساعات من دخولها حيز التنفيذ، ما تسبب في اضطرابات في الأسواق العالمية، فإن المنطقة العربية وفي مقدمتها مصر لا تزال تترقب التداعيات وسط حالة من الجدل بشأن مدى تضررها، أو استفادتها من الحرب التجارية المشتعلة.
ويخيّم الترقب على أسواق السلع المستوردة، وخصوصًا قطع غيار السيارات والأجهزة المنزلية، بوسط القاهرة كما قال للجزيرة مباشر حسام صالح -تاجر- موضحًا أن القلق متزايد في الأسواق بشأن التسعير ومدى توافر البضائع.

تداعيات حتمية
وبينما تظل الصين هدفًا أساسيًا لضربات ترامب، ومع تفاوت نسب الرسوم المفروضة على الدول العربية، التي تأجل تنفيذها 3 شهور، فإن التداعيات تبدو حتمية على اقتصادات المنطقة، كما يقول مساعد وزير الخارجية الأسبق والأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب جمال بيومي للجزيرة مباشر، الذي توقع أن يكون التأثير مباشرًا في البضائع التي تتمتع بوصول تفضيلي إلى الأسواق الأمريكية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالذهب يحطم حاجز 3500 دولار لأول مرة في تاريخه.. تعرف على أسعاره بالسوق المصرية
الذهب يسجل أعلى مستوى على الإطلاق مع تراجع الدولار ومخاوف الحرب التجارية
صينيون يستهزئون بحرب ترامب التجارية ويسخرون من الاعتماد الأمريكي على منتجات بلادهم
واعتبر بيومي أن ضربات ترامب الجمركية نجحت إلى أقصى حد في استعداء حلفاء وخصوم واشنطن على السواء، ومن بينهم أهم شركاء واشنطن التجاريين مثل اليابان والاتحاد الأوروبي، لكنه احتفظ لمصر بأقل نسبة من الرسوم الجديدة لتبلغ 10% فقط.
وأشار بيومي إلى أن صادرات مصر في العام الأخير للولايات المتحدة بلغت نحو 2.2 مليار دولار، بينما استوردت منها بمبلغ 7.6 مليارات دولار.
وتراوحت الرسوم التي علقها ترامب مؤقتا على الدول العربية من 10% على السلع القادمة من مصر والسودان ولبنان واليمن والسعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين والمغرب وموريتانيا وعُمان وجزر القمر، إلى 41% على الواردات القادمة من سوريا، و39% على العراق، ونسبة 20% على الأردن، في حين فرض 28% على تونس، و30% على الجزائر، و31% على ليبيا.
وخلال عام 2023 بلغت قيمة الصادرات الخليجية إلى الولايات المتحدة ما يزيد قليلا عن 30 مليار دولار، مما يجعل اقتصادات المنطقة غير معتمدة بشكل كبير على هذه التجارة.

باب جديد
وذهب أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأمريكية مصطفى شاهين، إلى وجود أضرار متوقعة تتمثل بارتفاعات في أسعار قطاعات حيوية مثل الملابس والأدوية والغذاء وأنواع المعدات العسكرية والمدنية كافة، موضّحًا أن مصر على سبيل المثال لديها الكثير مما تشتريه من السوق الأمريكية.
لكن في مقابل ذلك رأى شاهين، في تصريحات للجزيرة مباشر، أن تلك الأوضاع “تفتح بابًا جديدًا، حيث إنها أول مرة منذ أكثر من 70 عامًا تخترق الدول العظمى نظام التجارة العالمية، وهو ما يمثّل فرصة عظيمة لمصر أن تفرض جمارك على سلع ترغب في إنتاجها داخليًا”.
وأضاف “لدى مصر فرصة عظيمة في التفاوض مع الشركاء التجاريين لتقليل المدفوعات السنوية للقروض متعلّلة بتلك الأزمة العالمية التي بدأت تترك انعكاسات على ارتفاعات في الأسعار وتهدّد قيمة الجنيه في مواجهة الدولار”.
وفيما يتعلق بالمنطقة العربية، توقّع شاهين أن يواصل ترامب الضغوط لطلب ضخ استثمارات بالاقتصاد الأمريكي، وهو ما ينطوي برأيه على ميزة الحصول على خبرة استثمارية أوسع في الولايات المتحدة، لكن “العيب الوحيد”، في رأي شاهين، هو أن العالم العربي قد لا يستفيد من الفرصة، لأنه غير قادر على الخروج من الإطار التقليدي بالاعتماد على قدراته والاستفادة من تلك الحرب التجارية.

فرصة تاريخية
وقال يحيى الواثق بالله، رئيس جهاز التمثيل التجاري المصري، أمام حلقة نقاشية بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، الثلاثاء الماضي، إن رسوم ترامب الجمركية، ستترك تأثيرات مباشرة على صادرات مصر للسوق الأمريكية، لكنها، في الوقت نفسه، قد تفتح لها فرصًا جديدة لاستقطاب الاستثمارات من دول أخرى.
ووصف الواثق بالله الوضع حاليًا بأنه “فرصة تاريخية”، وقال إن على الحكومة والقطاع الخاص أن يتحرّكا بسرعة لتحسين البيئة الاستثمارية وتعزيز الإنتاج لتلبية الطلب المتزايد على المنتجات المصرية.
وكشف المسؤول المصري عن مفاوضات جارية مع وفود صينية وتركية وأوروبية لترتيب استثمارات جديدة بمصر خلال شهري إبريل/نيسان ومايو/أيار.
وأضاف “إذا قمنا باستغلال هذه الفرص بشكل سريع يمكننا تحقيق استثمارات إضافية تتراوح بين 10 إلى 15 مليار دولار في السنوات الـ3 المقبلة، إضافة إلى الاستثمارات السنوية المعتادة في حدود 10 مليارات دولار”.

تباطؤ مؤكد
وتحت عنوان “كيف نستفيد من الأزمة؟” دعا الخبير الاقتصادي هاني توفيق إلى انتهاز فرصة تدهور أسعار البترول وشرائه بعقود مستقبلية على مراحل، لتثبيته عند هذا المستوى المنخفض لفترة طويلة، والتخلص من مشكلة دعم الطاقة، وتوقّع توفيق عبر “فيسبوك” تضرر قناة السويس بسبب “التباطؤ المؤكد” في سلاسل الإمداد.
تسونامي ترامب
وذهب تقرير للمركز المصري للدراسات الاقتصادية إلى أن مواجهة “تسونامي ترامب” تتطلب إصلاحات مؤسسية شاملة وسريعة لتحسين بيئة الاستثمار والتنافسية وزيادة الصادرات، مشيرًا إلى أن مصر لم تستفد على مدى سنوات طويلة من الجمارك الصفرية على بعض السلع “لأنها تعاني من ضعف التنافسية”.
ووسط مخاوف من عودة الأموال الساخنة للهروب من مصر سجلت البورصة المصرية تراجعات حادة خلال الأسبوع الماضي، كانت هي الأعنف خلال عام، وخسر رأس المال السوقي 73 مليار جنيه (1.4 مليار دولار) ليهوى إلى مستوى 2.164 تريليون جنيه (42.8 مليار دولار)، واكتست السوق باللون الأحمر معظم الوقت.
وحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء بلغت صادرات مصر للولايات المتحدة 2.2 مليار دولار خلال عام 2024 بنسبة نمو سنوي 12.3%، وأبرزها الملابس بقيمة 739.9 مليون دولار، والخضر والفواكه بقيمة 113.8 مليون دولار، والسجاد وأغطية أرضيات بقيمة 123.3 مليون دولار، والحديد والصلب بقيمة 227.7 مليون دولار.
وبموجب اتفاقية “الكويز”، يُسمح لمصر بتصدير منتجات للولايات المتحدة بجمارك صفرية بشرط وجود مكوّنات ومدخلات من إسرائيل.