لماذا تعيش النساء أكثر من الرجال؟

منذ أن دونت البشرية سجلاتها الأولى، ظلت النساء يعشن أطول من الرجال، في كل الشعوب تقريبا، وعلى مر العصور.
ومع التقدم في الطب وتحسن جودة الحياة، تقلصت الفجوة بين الجنسين قليلا، لكن العلماء يقولون إن هذه القاعدة الراسخة لا يبدو أنها ستختفي قريبا لأن جذورها، كما اتضح، تمتد إلى أعماق التطور ذاته.
اقرأ أيضا
list of 4 items- list 1 of 4“30-3-12”.. صيحة جديدة للياقة وفقدان الوزن (فيديو)
- list 2 of 4سرطان الثدي وجراحة التجميل.. البروفيسور مصطفى حمدي يكشف أسرار المهنة ويقدم نصائح مهمة (فيديو)
- list 3 of 4ليس له علاج.. فيروس ماربورغ يتحول إلى وباء في دولة إفريقية والصحة العالمية تتحرك
- list 4 of 4سوبرمان البرازيلي يبعث الأمل في نفوس أطفال يعانون السرطان في غانا
فك لغز التميز الأنثوي
فريق بحثي دولي من معهد ماكس بلانك لعلوم الأنثروبولوجيا التطورية في مدينة لايبتسيغ الألمانية، حاول فك لغز هذا “التميز الأنثوي” في طول العمر، من خلال دراسة شملت أكثر من 1176 فصيلة من الثدييات والطيور، بل والزواحف والحشرات.
النتائج، التي نشرت في مجلة ساينس أدفنسيز، قدمت تفسيرا بيولوجيا مشوقا: في عالم الثدييات، تميل الإناث إلى العيش أطول من الذكور بنسبة 12% في المتوسط، بينما يعيش ذكور الطيور أطول من الإناث بنسبة 5% في أغلب الأنواع.

السر في الكروموسومات
السر، بحسب العلماء، قد يكمن في الكروموسومات. لدى إناث الثدييات اثنان من الكروموسوم “إكس”، بينما يحمل الذكور “إكسا” واحدا يصحبه “واي”. هذه التركيبة تمنح الإناث –على ما يبدو– درعا وراثيا مزدوجا ضد الطفرات الجينية الضارة، وهو ما يعرف بفرضية “الجنس غير المتجانس”.
كسر القاعدة
لكن القصة ليست وراثية كليا. فعلى الرغم من أنه في معظم أنواع الطيور يعيش الذكور أكثر فهناك فصائل تكسر القاعدة، خصوصا بين الطيور الجارحة بحسب رئيسة الفريق يوهانا شتارك، حيث تكون الإناث أكبر حجما وأطول عمرا. وتشير يوهانا شتارك إلى أن “كروموسومات الجنس جزء من القصة، لكنها ليست الرواية الكاملة”.
ثمن الرجولة المفرطة
العلماء وجدوا أن استراتيجيات التكاثر تلعب دورا آخر في تحديد العمر. في الأنواع التي يتنافس فيها الذكور بعنف على الإناث –كالغوريلات والبابون– يدفع الذكور ثمن “الرجولة المفرطة” باختصار أعمارهم. أما الطيور، التي تميل إلى الارتباط الأحادي، فتعيش ذكورها أعمارا أطول نسبيا، بفضل حياة أقل صخبا وصراعا.
رعاية الصغار
ومن منظور أكثر دفئا، يرى الباحثون أن رعاية الصغار قد تكون أحد أسرار طول أعمار الإناث. فالأم، التي تستثمر وقتا وجهدا في تربية صغارها، تحصل –فيما يبدو– على مكافأة بحياة أطول تتيح لها رؤية أبنائها يكبرون ويستقلون.
ورغم أن ظروف الحياة في حدائق الحيوان تختلف جذريا عن البرية، فقد وجد الفريق أن الفجوة العمرية بين الجنسين تظل قائمة، وإن كانت أضيق، وهو ما يشبه حال الإنسان الحديث: الطب والرعاية الصحية يقللان الفارق، لكن لا يمحوانه.
منح الطبيعة
وفي النهاية، تقول الدراسة إن هذا التفاوت في الأعمار ليس مصادفة، بل نتاج ملايين السنين من التطور. النساء –مثل إناث الثدييات الأخرى– وُهبن مزيجا من الجينات والاستراتيجيات يجعل حياتهن أطول قليلا.. وربما أكثر حكمة أيضا.
ومهما تقدم الطب، فستبقى المرأة –على الأرجح– تعيش أطول من الرجل. ليس لأنها أكثر حذرا أو حظا، بل لأن التاريخ التطوري نفسه انحاز، منذ البداية، إلى صالحها.