ماذا تعني الانتخابات الأمريكية بالنسبة للشرق الأوسط؟

يستشرف الكاتب الصحفي “إيشان ثارور” مآلات الانتخابات الأمريكية على الشرق الأوسط في مقال له بالواشنطن بوست يقول فيه إن النتائج ربما لا تعني الكثير بالنسبة لشعوب المنطقة.
لكن يختلف الأمر تماما بالنسبة إلى كثير من الأنظمة هناك، فمن أول مناطق الحروب الدائرة في سوريا واليمن وليبيا، ومرورا بدولتي لبنان والعراق المفككتين، برأي الكاتب، فإن فوز دونالد ترمب مرة أخرى أو غريمه الديمقراطي نائب الرئيس السابق و بايدن لن يعني الكثير بالنسبة لهم.
فقد شهدت كل من إدارة ترمب وإدارة بايدن -حيث كان يشغل منصب نائب الرئيس في الإدارة السابقة- صراعات المنطقة المتشابكة، ولم يتمكن أي منهما من حلحلة شيء. وبدلاً من ذلك، تكثفت الحملات الجوية الأمريكية، وظلت القوات الأمريكية منتشرة في العديد من البلدان، وذلك رغم رغبة واشنطن المعلنة في فصل نفسها عن الشرق الأوسط.
لكن بايدن وترمب يمثلان مستقبلين مختلفين بشكل ملحوظ لبعض النخب السياسية في المنطقة، وخاصة القيادة في إسرائيل ومجموعة من الدول العربية الغنية بالنفط.
فقد أيدوا ترمب عندما أوقف المشاركة الأمريكية في الاتفاق النووي الإيراني من خلال إعادة فرض العقوبات واستدعاء حملة “الضغط الأقصى” على النظام في طهران.
كما أن بعضهم استجاب لنهج ترمب الجديد بالنسبة إلى عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية التي أصبحت في صالح اليمين الإسرائيلي بالكامل. ورغم أن هذه الجهود قوبلت بغضب من الفلسطينيين، إلا أنهم واجهوا احتجاجًا صامتًا من القادة العرب في أماكن أخرى.
ولكن على كلتا الجبهتين، الأنظمة والشعوب في الشرق الأوسط، ربما يؤدي فوز الديمقراطيين في نوفمبر إلى تحول دراماتيكي، إذ ستسعى إدارة بايدن إلى إصلاح الأضرار التي سببها ترمب على صعيد الاتفاق النووي وتهدئة التوتر مع إيران.
وسيؤدي ذلك إلى كبح جماح دعم الولايات المتحدة الوثيق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتدليلها لولي العهد السعودي محمد بن سلمان على حد قول الكاتب.

ترمب والشرق الأوسط
يزعم الرئيس الأمريكي وحلفاؤه أن الإدارة قد أنجزت في غضون سنوات قليلة من السياسة في الشرق الأوسط أكثر مما حققه أسلافهم على مدى عقود. ويشمل ذلك اتفاقيتي تطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل.
ولكن ليس من الواضح إن كان العديدُ من الدول العربية الأخرى ستحذو حذو هاتين الدولتين الصغيرتين اللتين لم تكن في الواقع في حالة حرب مع الدولة اليهودية.
ورغم ذلك فإن الاختراق الدبلوماسي يؤكد واقعًا متغيرًا في الشرق الأوسط في رأي الكاتب، حيث قد يرى عدد من القوى العربية أنه من مصلحتها إقامة تحالف مشترك مع إسرائيل في مواجهة إيران المتعنتة والولايات المتحدة اللامبالية على نحو متزايد.
وفي استطلاع رأي حديث، قالت غالبية الإسرائيليين إنها يفضل ترمب على بايدن في البيت الأبيض. وهذا ليس مفاجئًا، فقد قدم ترمب سلسلة من الهدايا السياسية لنتنياهو، بما في ذلك الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس ومرتفعات الجولان دون أي تنازلات للفلسطينيين في المقابل.
كما أن “خطته” للسلام التي رُفضت رفضت بشدة- ورفضها الفلسطينيون بشكل قاطع – ربما تضع الأساس لضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية.
لكن نتنياهو يواجه معارك قانونية وسياسية ساخنة في الداخل، ويشير بعض الخبراء الإسرائيليين إلى أن شراكة ترمب الوثيقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي لم تخدم في الواقع المصالح الإسرائيلية.
وكذلك فإن إدارة ترمب أضرت بالاقتصاد الإيراني بالعقوبات، لكن الضغط الأقصى فشل في كبح جماح المغامرات الإيرانية في البلدان المجاورة، وأدى إلى تآكل الضمانات ضد القنبلة النووية الإيرانية التي كانت قد توصلت إليها إدارة أوباما.
ويسخر المسؤولون الإيرانيون حتى الآن من احتمال إجراء مفاوضات مع إدارة ترمب، وتشير جميع المؤشرات إلى أن انتخابات العام المقبل في إيران ستعزز المتشددين في البلاد.
بايدن والشرق الأوسط
بينما يزعم المسؤولون الإيرانيون في تصريحاتهم أنه لا يهم من سيفوز في الانتخابات الأمريكية، إلا أن هناك اعتراف داخل إيران بأن إدارة بايدن ستسعى إلى إحياء الاتفاق النووي، وللقيام بذلك، سيتعين عليها رفع بعض العقوبات الخانقة المفروضة الآن على الاقتصاد الإيراني.
ويتوقع محللو النفط أن تبدأ إيران قريبًا في تصدير ما يصل إلى مليوني برميل يوميًا إذا حل بايدن محل ترمب.
وقال علي عميدي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أصفهان ، لمؤسسة أتلانتيك كاونسل “يفضل غالبية الشعب الإيراني والنخبة الإيرانية أن يأتي بايدن إلى السلطة ولكن هناك خلافات” ، مشيرا إلى وجود معسكرات متشددة حظيت بمكاسب سياسية بسبب تصعيد التوتر مع إدارة ترمب.
وقال بايدن إنه سيقدم لإيران “طريقًا موثوقًا به إلى الدبلوماسية”، ومن المحتمل أن يحصل على دعم أكبر من جانب الحلفاء الأوروبيين، الذين أمضوا السنوات القليلة الماضية في محاولة يائسة لإبطاء زخم كرة ترمب المدمرة على المسرح العالمي.
ورغم ترحيبه بالتقارب بين الإمارات وإسرائيل، فقد تعهد بايدن بـ “إعادة تقييم” العلاقات مع المملكة العربية السعودية، ويبدو أنه يعطي ثقلا لتقارير المخابرات الأمريكية التي تربط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
ويقول بايدن إنه سيستجيب لدعوات الكونغرس لإنهاء الدعم العسكري للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، رغم أن هذا الدعم بدأ منذ إدارة أوباما.
ويرى خبراء أن رئاسة بايدن ستثير القضية الفلسطينية أكثر من أي إدارة سابقة في محاولة لإحياء الاحتمال المحتضر منذ فترة طويلة لحل الدولتين.