فرنسا تصعّد الخلاف مع تركيا وتنسحب من عملية لحلف الناتو

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (يمين) والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يسار)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (يمين) والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يسار)

أعلنت وزارة الجيوش الفرنسية، اليوم الأربعاء، أن فرنسا قررت الانسحاب مؤقتًا من عملية للأمن البحري لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في البحر الأبيض المتوسط. 

وجاء في الإعلان أن الانسحاب الفرنسي يأتي عقب خلافات مع تركيا بسبب النزاع في ليبيا على وجه الخصوص.

وقالت الوزارة في مؤتمر صحفي عبر الهاتف، وفي أجواء توتر شديد بين باريس وأنقرة، “قررنا سحب وحداتنا مؤقتا من عملية سي غارديان”، بانتظار تصحيح الوضع.

وكانت باريس قد اتهمت تركيا باستهداف إحدى فرقاطاتها أثناء فحص سفن يشتبه بانتهاكها حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، لكن أنقرة نفت ذلك.

وقالت الوزارة الفرنسية مستهدفة تركيا بالتحديد “لا يبدو لنا أمراً سليمًا الإبقاء على وسائل في عملية يفترض أن يكون من مهامها العديدة السيطرة على الحظر مع حلفاء لا يحترمونه”، في إشارة واضحة إلى تركيا العضو، مع فرنسا، في حلف شمال الأطلسي.

وتشترط فرنسا تحقيق أربعة مطالب بينها أن “يؤكد الحلفاء رسميًّا على تمسكهم والتزامهم باحترام الحظر” على الأسلحة في ليبيا. كما تريد وضع آلية أكثر دقة لفض النزاعات داخل الحلف الأطلسي.    

وتنتقد فرنسا بشدة التدخل العسكري التركي في ليبيا لدعم حكومة الوفاق (المعترف بها دوليًّا) في طرابلس، والتي استفادت من هذا الدعم؛ لردع مليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يتمركز في شرق ليبيا ويسعى للسيطرة على العاصمة الليبية.

وحمَّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تركيا، الإثنين الماضي، “مسؤولية تاريخية وجنائية” في الصراع الليبي كدولة “تدعي أنها عضو في الناتو”.

ورد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أغلو، أمس الثلاثاء، بإدانة نهج فرنسا “المدمر” تجاه ليبيا، واتهمها بالسعي إلى تعزيز الوجود الروسي في هذا البلد، الذي تمزقه حرب أهلية منذ 2011.

رد السفير التركي في فرنسا

من جانبه، قال السفير التركي لدى فرنسا إسماعيل حقي موسى، اليوم الأربعاء،  أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في مجلس الشيوخ بالبرلمان الفرنسي إن حلف شمال الأطلسي بلا تركيا سيعني نهايته، وذلك في أقوى تصريحات بشأن الخلاف المتصاعد بين فرنسا وتركيا العضوين في الحلف.

وحذر موسى من تعريض الوجود التركي في الحلف “للخطر”، مضيفًا أن الناتو لا مستقبل له بدون تركيا، وذلك ردًا على إشارة أعضاء فرنسيين وصفوا تركيا بـ”الإمبريالية”.

وكان عضو مجلس الشيوخ الفرنسي جان ماري بوكيل عضو الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي قد هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قائلا إن “إمبريالية الرئيس التركي تخلق سياسة توتر وفي غالب الأحيان استفزازا”.

وأضاف “كل ما آمله هو ألا يعرّض ما يحدث في الوقت الحالي، وجود تركيا في الحلف الأطلسي للخطر”.

وفي أوج توتر بين فرنسا وتركيا، قال سفير أنقرة: “تصوروا الناتو بلا تركيا! لن يكون هناك ناتو بلا تركيا! لن تعرفوا كيف تتعاملون مع طهران والعراق وسوريا وجنوب المتوسط والقوقاز وليبيا ومصر”.

وتابع السفير التركي: “تركيا ليست أي بلد في الحلف”، مشيرا إلى وزنها السكاني والعسكري. وأضاف “حرسنا الجانب الجنوبي والشرقي خلال الحرب الباردة بجهود كبيرة وفي بعض الأحيان على حساب ازدهار أمتنا وشعبنا”.

اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوربي

وفي السياق، يجتمع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوربي، في 13 يوليو/ تموز الجاري، بطلب من فرنسا للتباحث حول تركيا، وفق ما أعلن، اليوم الأربعاء، وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان.

وقال لودريان أمام مجلس النواب الفرنسي “بطلب منا، سينعقد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوربي في 13 يوليو، وسيكون مخصصًا حصرًا للمسألة التركية”.      

وأضاف “فرض الاتحاد الأوربي -أصلًا- عقوبات على تركيا بسبب عمليات حفر بدأتها في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، ويمكن أيضًا النظر بفرض عقوبات أخرى”.

ويلقى حفتر دعم الإمارات العربية المتحدة ومصر وروسيا، ويقول محللون إن فرنسا دعمته أيضًا رغم نفيها.

ومنذ سقوط نظام معمّر القذافي عام 2011، تغرق ليبيا في فوضى النزاعات والصراعات على السلطة.

وفي وقت كانت قوات حفتر التي شنت في أبريل/نيسان 2019 هجومًا للسيطرة على طرابلس، تبدو في وضع جيّد منذ بضعة أسابيع، إلا أن الموازين انقلبت بفعل الدعم التركي لحكومة الوفاق.

وباتت قوات حكومة الوفاق المدعومة بطائرات تركية مسيّرة، تهدد بالسيطرة على مدينة سرت الاستراتيجية في الشرق، والتي تعدها مصر خطًا أحمر، وتهدّد بالتدخل العسكري في حال تجاوزه.

اقرأ أيضًا:

في أوج التوتر بين فرنسا وتركيا.. أنقرة: لا حلف أطلسيا بدوننا

ما حقيقة هجوم أحمد داود أوغلو على سياسة أردوغان في ليبيا؟

وسط تزايد التوتر: تركيا ترد بقسوة على فرنسا وتنتقد ماكرون

داعية سعودي: القتال بجانب حفتر ومرتزقة فاغنر يُعز أهل السنة

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات

إعلان