أكاديمي بريطاني يحلل: لماذا لم تهزم إسرائيل حركة حماس؟

تشدد الحكومة الإسرائيلية على أنها “مصممة على استكمال النصر”، حتى بعد توقيعها اتفاق وقف إطلاق النار مع المقاومة، غير أن الواقع على الأرض يُظهر عكس ذلك، وفق الأكاديمي والباحث البريطاني عظيم إبراهيم، وهو مدير معهد “نيو لاينز” الأمريكي في واشنطن، في مقال له بمجلة “ذا ناشيونال إنترست”.
واستدل إبراهيم على ذلك بقوله إن نحو 15 ألف مقاتل من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أعادوا تنظيم صفوفهم، ومعظمهم مسلحون بالكامل وخرجوا من بين الأنقاض لإعادة فرض السيطرة في القطاع.
اقرأ أيضا
list of 4 items- list 1 of 4المقاومة تعلن موعد تسليم جثة أسير إسرائيلي عُثر عليها بجنوب غزة
- list 2 of 4نازحون يسكنون داخلها.. صور جوية تظهر آثار الدمار الواسع في مقبرة غزة القديمة (فيديو)
- list 3 of 4حين يصبح النجاح ثأرًا.. وصايا الراحلين تقود أبناء غزة إلى التفوق في الثانوية العامة (فيديو)
- list 4 of 4تواصل البحث عن جثث أسرى إسرائيليين في حي الزيتون وسط ظروف ميدانية معقدة (فيديو)
وأشار إلى التقارير التي تحدثت عن ملاحقة مقاتلي حركة حماس للمشتبه في تعاونهم مع إسرائيل، معتبرا أن “حماس التي كان يفترض القضاء عليها، خرجت من الحرب دون أن تُهزم” على حد تعبيره.
ويرى الكاتب أن “هذا الواقع لا يُفترض أن يكون مفاجئًا، فكل الخبراء يؤكدون منذ سنوات أن حماس لا يمكن القضاء عليها بالوسائل العسكرية، إذ إنها ليست مجرد شبكة مقاتلين أو أنفاق، بل حركة سياسية وأيديولوجية متجذرة في المجتمع الفلسطيني”.
وأضاف أنه “يمكن قتل القادة وتدمير البنى التحتية واحتلال الأرض، لكن لا يمكن قصف فكرة”.
وأفاد إبراهيم أن الهدف الإسرائيلي المعلن بـ”الانتصار الكامل” على حماس كان مجرد سراب، وأن “قيادة حماس تضررت بشدة، لكنها لا تزال قادرة على العمل”.

صعود شعبية حماس
في المقابل، اعتبر الكاتب أن الحرب الإسرائيلية دمرت النسيج المدني في غزة، وتسببت في مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من مليون إنسان وتسوية أحياء كاملة بالأرض، ومع ذلك، “فإن الظروف الجوهرية التي أدت إلى ظهور حماس، من يأس وتهميش وغياب الدولة، لا تزال قائمة بل ازدادت سوءًا”.
وعزا إبراهيم صعود شعبية حماس في المجتمع الفلسطيني إلى ارتباط السلطة الفلسطينية بقيادة حركة “فتح” بالفساد والمحسوبية وسوء الإدارة، وفشل مفاوضات السلام وتدهور الاقتصاد واستمرار التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، مما جعل الفلسطينيين “يفقدون ثقتهم بقدرة السلطة على تحقيق أبسط مطالبهم أو أي أفق واقعي لإقامة دولة”.
وتابع: “مع هذا الإحباط، قدّمت حماس نفسها كبديل نظيف ومنضبط يمثل المقاومة والعدالة الاجتماعية”.

ارتدت على إسرائيل
وأفاد المقال أن السياسات الإسرائيلية، وخصوصا في عهد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ساهمت بدورها في ترسيخ نفوذ حماس.
وأضاف: “تبنّى نتنياهو على مدى سنوات إستراتيجية ’الفصل‘، أي الإبقاء على انقسام الفلسطينيين بين غزة والضفة الغربية، لأن وحدة القيادة الفلسطينية كانت ستعزز مسار التسوية السياسية”.
وقال الكاتب: “هذه الحسابات القصيرة المدى (في إشارة إلي سياسة نتنياهو) كانت كارثية على المدى الطويل، إذ سمحت لحماس بتوطيد سلطتها وضمنت بقاء الانقسام الفلسطيني مبررًا لتجميد عملية السلام، في حين واصلت إسرائيل التوسع الاستيطاني وتفادي تقديم أي تنازلات سياسية”.
واستطرد “غير أن هذه السياسة، التي هدفت إلى تجميد الوضع القائم، ارتدت على إسرائيل بشكل مدوٍّ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023”.
ويرى الكاتب أن “محاولة هزيمة حماس بالقوة المفرطة لم تضعف أيديولوجيتها بل عمّقتها”.
خريطة طريق حقيقية
ويخلص المقال إلى أن الطريق الحقيقي لهزيمة حماس لا يمر عبر السلاح، بل بتقديم بديل واقعي للشعب الفلسطيني، يتمثل في خريطة طريق حقيقية نحو دولة مستقلة بدعم دولي.
ولتحقيق ذلك، يدعو المقال إلى إعادة إحياء المؤسسات الفلسطينية وإعادة إعمار غزة، وتحديد جدول زمني واضح للانتخابات الفلسطينية.
أما إسرائيل، فيرى الكاتب أن عليها أن تدرك أن أمنها لا يتحقق عبر الحصار أو الاحتلال الدائم، بل عبر التعايش.
ويختم كاتب المقال بالتأكيد على أن ما أثبتته حرب غزة هو حقيقة قديمة تقول: يمكن هزيمة جيوش الخصوم، لكن لا يمكن هزيمة أفكارهم بالقوة.