تعرض لعقوبات أمريكية غير مسبوقة.. نيكولا غييو القاضي بالجنائية الدولية يدفع ثمن إصدار مذكرة توقيف نتنياهو

تواجه المحكمة الجنائية الدولية ضغوطا متزايدة من الإدارة الأمريكية على خلفية التحقيق في جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة. لكن أحد قضاتها يبدو مستهدفا بشكل خاص من إدارة ترامب، وهو القاضي الفرنسي نيكولا غييو.
في عام 2025، أدرجت واشنطن غييو، ضمن قائمة العقوبات التي استهدفت 4 مسؤولين بالمحكمة، بعد أن اتهمت المحكمة بتجاوز صلاحياتها ومحاولة ملاحقة مواطنين من دول غير موقعة على نظام روما الأساسي.
اقرأ أيضا
list of 4 items- list 1 of 4ملامح سوق فراس الشعبي تختفي تحت الركام.. أحد أقدم أسواق غزة يودّع تاريخه (فيديو)
- list 2 of 4بن غفير يقترح على نتنياهو اعتقال أبو مازن وتصفية قادة السلطة حال اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطينية
- list 3 of 43 شهداء بينهم طفل وعدد من المصابين بنيران الاحتلال في غزة (شاهد)
- list 4 of 4كاميرات المراقبة وثقت الهجوم.. مستوطنون يحطمون سيارات فلسطينيين قرب رام الله (فيديو)
وقد وجّه غييو عددًا من التهم لدولة الاحتلال، وأصدر مذكرة توقيف لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اعتُبر أنها “تشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي والإسرائيلي”. وجاء الرد الأمريكي بتجميد الأصول المالية للقاضي داخل الولايات المتحدة ومنعه من السفر إليها، إضافة إلى تقييد التواصل الدبلوماسي مع القضاة المعنيين، في خطوة وصفتها منظمات قانونية بأنها غير مسبوقة اتجاه مؤسسة قضائية دولية.
استياء فرنسي وترحيب إسرائيلي
وقد اعتبرت المحكمة الجنائية الدولية هذه الإجراءات هجومًا على استقلالها، وعبّرت فرنسا عن استيائها الشديد، مؤكدة دعمها الكامل لهيئة المحكمة وقضاتها. وفي المقابل، رحّب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالعقوبات الأمريكية، واعتبرها “ردًّا مشروعًا على محاولات المساس بإسرائيل”. وردت المحكمة بأنها “تعرضت لهجوم صارخ على استقلال القضاء الدولي”.
من هو غييو؟
ولد نيكولا غييو في 13 أغسطس/آب عام 1975 في مدينة فان الفرنسية. ودرس القانون الجنائي الدولي والأوروبي، ونال درجة الماجستير في القانون الجنائي الدولي والأوروبي من جامعة بانتيون سوربون، ثم التحق بعدها بالمدرسة الوطنية للقضاة في فرنسا.
بدأ مسيرته المهنية قاضي تحقيق بين عامي 2003 و2006، وترأّس التحقيقات في نحو 300 قضية جنائية تتعلّق بالقتل والاعتداء الجنسي على القُصّر والعنف ضد النساء والجريمة المنظمة.
شغل غييو مناصب متعددة في وزارة العدل الفرنسية، بين عامي 2006 و2012، منها توليه منصب نائب رئيس قسم القانون التجاري ومستشار لوزير العدل في الشؤون الجنائية ومستشار دبلوماسي.
العدالة الدولية
بين عامي 2012 و2015، انتقل غييو إلى العاصمة الأمريكية واشنطن ليشغل منصب مستشار قضائي لدى وزارة العدل الأمريكية، حيث تولّى التنسيق القضائي بين فرنسا والولايات المتحدة في قضايا مكافحة الإرهاب والجرائم الدولية والتحقيقات الجنائية.
وبين عامي 2015 و2019 شغل منصب “رئيس ديوان” لرئيس المحكمة الخاصة بلبنان.
ولاحقا، تولى غييو مهمة قاض في ملف كوسوفو منذ عام 2019.
وكان غييو في الغرف القضائية التي درست قضايا تخص جرائم الحرب والانتهاكات التي وقعت في إقليم كوسوفو بعد الحرب هناك.
عضوية الجنائية الدولية
انتُخب نيكولا غييو من قبل جمعية الدول الأطراف في نظام روما في ديسمبر/كانون الأول 2023، وبدأ ولايته قاضيا في المحكمة الجنائية الدولية مدة 9 سنوات بدءًا من 11 مارس/آذار 2024 حتى عام 2033.
عُيّن غيبو ضمن القائمة (أ) في المحكمة الجنائية الدولية، وهي الفئة التي تضم القضاة ذوي الخبرة الواسعة في القضاء الجنائي. ويُسند إليه العمل في غرف المحاكمة الثانية والرابعة، إضافةً إلى الغرفة التمهيدية الأولى، التي يُشرف من خلالها على ملف دولة فلسطين بصفته رئيسًا لتلك الغرفة.
الكفاءة والخبرات
تتضمن خبرات غييو جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، إذ عمل في قضايا تتعلق بملف كوسوفو، والتحقيقات في لجنة المحكمة.
يعمل غييو باللغتين الفرنسية والإنجليزية، ويمتلك معرفة واسعة بالقانون وإدارة المحاكم الدولية، وقد قاد مشروع “إيثيكا” (Ethica) المتعلق بأخلاقيات القضاة الدوليين، ودرّب قضاة ومحامين في دول مثل السودان والكاميرون وجمهورية إفريقيا الوسطى.
لماذا يحظى ملفه باهتمام أمريكي؟
يجسد موقف غييو نوعا من الصراع بين القانون الدولي والدبلوماسية الكبرى، كما أن خبراته الفرنسية والأمريكية والدولية تجعل منه حلقة وصل ورمزًا.
وإضافة إلى هذا فإن دوره في قضايا مثل فلسطين وأفغانستان، تمس مصالح دول كبرى، يجعله شخصية محورية في دراسة مستقبل العدالة الدولية، كما أن واقعه المهني يطرح سؤالا جوهريا: هل القضاء الدولي قادر على العمل بحرّية في ظلّ الضغوط السياسية والاستراتيجية؟