زلزال يهز سلاح الجو الإسرائيلي.. 970 ضابطا يطالبون بوقف القتال في غزة والجيش يصدر قرارا

التكلفة الاقتصادية المرتفعة والأضرار التي لحقت باقتصاد البلاد دفعت بالتفكير في تقليص عدد جنود الاحتياط (رويترز)
طالب الموقعون على الرسالة بإعادة الأسرى الإسرائيليين حتى لو كان الثمن وقف الحرب فورًا (رويترز)

في خطوةٍ وُصفت بأنها “زلزال أخلاقي وسياسي”، نشر نحو 970 من ضباط الاحتياط والمتقاعدين من سلاح الجو الإسرائيلي، رسالة علنية، صباح يوم الاثنين 25 فبراير/شباط الماضي، يطالبون فيها بإعادة الأسرى الإسرائيليين “حتى لو كان الثمن وقف الحرب فورًا”.

وجاء في نص الرسالة “نحن مقاتلون في الطواقم الجوية، في الاحتياط، ومتقاعدون، نطالب بإعادة المختطفين من دون تأجيل، حتى لو كان ثمن ذلك هو وقف الحرب بصورة فورية… إن استمرار الحرب لا يسهم في تحقيق أي من الأهداف المعلنة لها، بل سيؤدي إلى موت المختطفين، وجنود الجيش، ومواطنين أبرياء، وإلى إنهاك من يخدمون في سلاح الاحتياط”.

ردود صارمة من القيادة العسكرية

الرسالة أحدثت عاصفة في الأوساط السياسية والعسكرية، وأطلقت سلسلة من الردود والإجراءات داخل الجيش.

وقالت صحيفة هآرتس، إن كبار قادة سلاح الجو الإسرائيلي سارعوا إلى التعامل مع الرسالة بصرامة، وأبلغوا الموقّعين النشطين من جنود الاحتياط بأنهم “قد يُفصلون من الخدمة إذا لم يسحبوا توقيعاتهم”.

وأضافت الصحيفة “تم إجراء اتصالات هاتفية شخصية مع كل من وقع على الرسالة، بإشراف مباشر من قائد السلاح اللواء تومر بار… ومع ذلك، فإن 25 فقط من أصل 970 قد سحبوا توقيعاتهم، بينما سارع 8 آخرون إلى التوقيع على الرسالة، احتجاجًا على التهديدات”.

ولاحقًا، أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن رئيس الأركان وقائد القوات الجوية، قررا إعفاء جنود الاحتياط، الذين وقّعوا على الرسالة، من الخدمة. كما ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن الجيش قد قرر إقالة الموقّعين على الرسالة من خدمة الاحتياط.

مكتب نتنياهو يعلق

ومن جانبه، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن جنود الاحتياط الموقعين على الرسالة التي تطالب بوقف الحرب في غزة، يهدفون إلى “إسقاط الحكومة”، مؤكدًا أنهم “لا يمثلون المقاتلين أو الجمهور الإسرائيلي”.

وأكد المكتب دعم رئيس الحكومة لقرار رئيس الأركان في إقالة أولئك الجنود من الخدمة الاحتياطية، مشيرًا إلى أن هذه الرسالة “غير مقبولة ولا تعكس الموقف الرسمي للجيش أو الشعب الإسرائيلي”.

وبدوره، أعرب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن ثقته في قرار رئيس الأركان بالتعامل مع الجنود الموقعين على الرسالة، مؤكدًا رفضه لهذه الرسالة التي اعتبرها محاولة “لتقويض شرعية الحرب العادلة التي يقودها الجيش بهدف إعادة الرهائن وهزيمة حركة حماس“.

اتهامات متبادلة بين القيادة والمحتجين

وقالت هآرتس إن الموقّعين قد وجّهوا انتقادات حادة للتهديدات، في إحدى الجلسات التي عقدها قائد السلاح مع عدد من جنود الاحتياط، والتي حضرها أيضًا رئيس الأركان إيال زامير، متهمين القيادة بـ”تجاوز الخطوط الحمراء القانونية والأخلاقية”.

وأضافت هآرتس أن اللواء تومر بار، رئيس سلاح الجو قد ردّ قائلًا “من يوقّع على نصّ يدّعي أن استئناف الحرب يخدم مصالح سياسية، لا يمكنه أداء مهامه في الاحتياط”، زاعمًا أن “الضغط العسكري لا يُعرّض حياة المختطفين للخطر، بل العكس، هو السبيل إلى تحريرهم”.

جنود إسرائيليون في قطاع غزة
جنود إسرائيليون في قطاع غزة (رويترز)

“الرسالة ذات طابع سياسي”

وذكرت صحيفة معاريف من جانبها، أن الجيش بدأ التدقيق في قائمة الموقّعين على الرسالة، واعتبر أن “الرسالة لا تتضمن دعوة صريحة إلى رفض الخدمة، لكنها ذات طابع سياسي صريح، وبالتالي لن يُسمح للموقعين عليها بمواصلة الخدمة الاحتياطية الفعلية في سلاح الجو”.

وأضافت الصحيفة أن من بين الموقعين شخصيات بارزة مثل رئيس الأركان الأسبق دان حالوتس، واللواء المتقاعد نمرود شيفر.

وقال العقيد (احتياط) نيري يركوني، أحد الموقّعين، لصحيفة معاريف “لم تُنشر الرسالة بمبادرة من طياري سلاح الجو، بل تم تسريب مضمونها بشكل غير دقيق.. لا يتمثّل الهدف منها في رفض الخدمة العسكرية، بل التعبير عن موقف أخلاقي وإنساني”.

ولم يتأخر الهجوم من الساحة السياسية على الضباط، فقد وصف عضو الكنيست عن حزب الليكود، حانوخ ميلفيتسكي، الرسالة بأنها “تمرّد على الدولة”، داعيًا إلى فصل الموقّعين فورًا. وأضاف ميلفيتسكي في تصريح لإذاعة جيش الاحتلال “من يعارض قرارات الحكومة في وقت الحرب يرتكب خيانة وطنية”.

كذلك اعتبر العميد (احتياط) داني فان بيرن، رئيس حركة “نداء الواجب”، وهي حركة مكونة من ضباط مؤيدين للائتلاف الحكومي، الرسالة “إعادة إحياء لحملة الرفض التي أوصلتنا إلى 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023)”، وقال إنها تمزج بين “رسائل سياسية، وانهزامية، ورافضة للخدمة”.

شرخ داخلي

وتُظهر هذه الرسالة، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، حجم الشرخ المتزايد داخل المؤسسة العسكرية، خاصة في إحدى أكثر وحداتها انضباطًا وتأثيرًا، وهي وحدة سلاح الجو، حيث نقلت صحيفة هآرتس عن مسؤولين أن “القيادة العسكرية تخشى من اتساع رقعة الانقسام، خاصة في ظل تزايد التعب والإحباط داخل صفوف الاحتياط”.

وبينما تتزايد الضغوط لاستئناف العمليات في غزة ولبنان، تشير المعطيات إلى أن “الجيش يواجه صعوبة متزايدة في الحفاظ على وحدة وتماسك قواته، لا سيما مع تراجع الحافز لدى الجنود بعد أكثر من 140 يومًا من العمليات العسكرية” بعد استئناف الحرب، كما ورد في معاريف.

المصدر : صحيفة هآرتس الاسرائيلية + معاريف

إعلان