راعي الكنيسة الإنجيلية في بيت لحم: “أزمة وجودية” تهدد الحضور المسيحي بفلسطين (فيديو)
القس منذر إسحاق: نواجه تهجيرا قسريا

قال القس منذر إسحاق، راعي الكنيسة الإنجيلية اللوثرية بمدينة بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة، إن المسيحيين الفلسطينيين يمرون بـ”مرحلة حرجة”، محذّرًا من “أزمة وجودية” تُهدد الحضور المسيحي التاريخي في الأراضي المقدسة بسبب الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد إسحاق خلال مقابلة أجرتها معه الجزيرة مباشر، أن أعداد المسيحيين في فلسطين في تناقص مستمر، مشيرًا إلى نزيف الكفاءات الشابة نتيجة التهجير، وأضاف “للأسف نحن نعيش الآن مرحلة خطر حقيقي فيما يتعلق بالحضور المسيحي في فلسطين“.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالطفلة ملك تواجه خطر بتر أطرافها بعد نجاتها من قصف إسرائيلي في غزة (فيديو)
“بدي أموت فيها”.. مسنّ فلسطيني يعود الى أرضه جنوب الخليل لحمايتها من المستوطنين (فيديو)
“نفيت أنني من غزة”.. رانيا النجار تروي كابوس اعتقالها بسجون الاحتلال وتكشف عن أصعب موقف (فيديو)
تصريحاته جاءت عقب تقرير أصدره مركز (روسينج)، منظمة السلام والحوار بين الأديان، ومقره القدس، سلط الضوء على أعمال العنف التي ارتُكبت ضد المسيحيين في الأراضي المقدسة خلال العام الماضي (2024)، وأوضح التقرير أن هذه الانتهاكات أدت إلى تراجع أعداد المسيحيين هناك.
وأضاف أن الحديث لا يدور فقط عن هجرة طوعية، بل عن تهجير قسري، يدفع إليه واقع خانق من الاحتلال ونظام الفصل العنصري على كافة نواحي الحياة، مشيرًا إلى أن العائلات المسيحية، وخصوصا العائلات الشابة، تفكر في مستقبل أبنائها، وتبحث عن فرص حياة أفضل خارج فلسطين المحتلة.
ورغم غياب إحصائيات رسمية دقيقة بشأن هجرة المسيحيين، قدّر القس إسحاق أن ما لا يقل عن 200 عائلة مسيحية قد غادرت محافظة بيت لحم وحدها منذ بداية حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة.
وأشار إسحاق إلى أن الهجرة المسيحية ليست حالة استثنائية، وإنما جزء من نزيف شامل للشباب الفلسطينيين، سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين، بسبب انسداد الأفق وصعوبة الحياة تحت الاحتلال.
وأضاف “لا ننسى أيضًا أن القدس الآن أصبحت معزولة عن باقي مدن الضفة، وتحديدًا بيت لحم، فالعديد من العائلات المسيحية في بيت لحم كان لديها أشغال في القدس وخسرت هذه الأشغال مع صعوبة الحركة والتنقل بين مدن المحافظات الفلسطينية وزيادة حالة اليأس والخوف”.
نسبة المسيحيين في فلسطين
وتطرق القس إسحاق إلى أن آخر إحصائية تتعلق بأعداد المسيحيين ضمن مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية وصلت إلى حوالي 1% فقط من السكان، بما في ذلك المسيحيين في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
ورغم تراجع أعداد المسيحيين في فلسطين، شدّد القس إسحاق على أن الحضور المسيحي في فلسطين لا يزال فاعلًا ومؤثرًا في النسيج الوطني والاجتماعي والسياسي، مشيرًا إلى الأدوار المهمة التي تؤديها المؤسسات المسيحية في التعليم والصحة والمجتمع المدني.
“تطهير عرقي” للمسيحيين
ووصف القس إسحاق الوضع الراهن بأنه “تطهير عرقي”، مشيرًا إلى أن الاحتلال أوجد بيئة طاردة وغير قابلة للحياة، وهو أحد أشكال التطهير، حيث تُجبر العائلات على الهجرة ليس فقط بسبب القصف أو الطرد، بل بفعل سياسات ممنهجة تهدف إلى تفريغ الأرض من سكّانها الأصليين.
وأضاف “ما يعاني منه الإنسان الفلسطيني والمسيحي الفلسطيني يقع ضمن بند التطهير العرقي، فالتطهير لا يعني فقط الطرد بالقوة، بل خلق بيئة لا تسمح بالحياة”.
وأعرب عن خشيته من أن يتحوّل ما حدث في قطاع غزة إلى سابقة خطيرة لتفريغ مناطق بأكملها من المسيحيين، مشيرًا إلى أن ما جرى من استهداف للكنائس والمستشفيات والمؤسسات المسيحية في القطاع لا يمكن قراءته بمعزل عن سياسة ممنهجة لتفريغ القطاع من سكانه، بمن فيهم المسيحيون.
وقال “للأسف، الآن نحن نواجه واقعًا يشير إلى أن غزة قد تكون في المستقبل بدون مسيحيين بعد تدميرها بالكامل وتدمير بيوت جميع المسيحيين فيها”.

“المركز الثقافي الأرثوذكسي دُمر بالكامل”
وتابع “المسيحيون في غزة شأنهم شأن جميع أهل غزة يتعرضون لحرب إبادة… الكنيسة استُهدفت، المستشفى الأهلي تم قصفه، المركز الثقافي الأرثوذكسي دُمر بالكامل”.
واستطرد “هناك رسالة واضحة من الاحتلال تقول: لا مشفى مسيحي ولا كنيسة ستحميكم. في هذه الحرب إسرائيل كسرت وتخطت كل الخطوط الحمراء، نعيش الآن حالة خوف حقيقي على مستقبل هذه العائلات التي صمدت حتى الآن في غزة”.
وأثنى القس إسحاق على جهود الكنائس في فلسطين، منذ بداية الحرب، لدعم صمود الفلسطينيين في غزة معنويًّا وماديًّا.
وأشار إلى أن المؤسسات المسيحية راعت منذ بداية الحرب الاقتصار في جميع المناسبات الدينية على الطقوس الدينية، دون أي مظاهر احتفالية، بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية.
وتابع “هذا العام لا يمكن أبدًا سوى أن نصلّي وأن تكون جميع أعيادنا إن كانت الميلاد أو الفصح مختصرة فقط على الصلوات، وحتى هذه الصلوات أخذت طابع الصلاة من أجل غزة، ومن أجل وقف الإبادة هناك”.