محمد إقبال.. كيف تعامل الإعلام الهندي مع مقتل معلم مسلم في قصف باكستاني؟

المتوفى مولانا محمد إقبال

واجهت وسائل إعلام هندية انتقادات واسعة واتهامات بالكذب والتلفيق بعد إعلانها مقتل شخص في القصف الهندي لمواقع باكستانية وصفته بأنه “إرهابي باكستاني”، إذ اتضح أن الشخص الذي تحدثت عنه المواقع والقنوات الهندية ليس سوى مواطن هندي يعمل مدرسًا في مدرسة دينية، وقد قُتل في القصف الذي نفذته باكستان ردًّا على الهجمات الهندية.

وشنت باكستان هجمات على الأراضي الهندية بعد أن نفذت الهند عمليات عسكرية داخل باكستان، وصفتها السلطات الهندية بأنها عمليات ضد “إرهابيين” بعد هجوم استهدف سياحًا في كشمير.

وقُتل 13 هنديًّا وأصيب 59 آخرون في القصف الباكستاني على المواقع الهندية. وكان محمد إقبال، الذي يقيم في منطقة بونش الواقعة في الجزء الخاضع لسيطرة الهند في كشمير، من بين القتلى في الهجوم الباكستاني.

لكن العديد من القنوات الإخبارية الهندية زعمت، الأربعاء الماضي، أن إقبال “إرهابي باكستاني” قُتل في الهجمات الهندية داخل القسم الباكستاني من كشمير.

ومن بين هذه القنوات: (Zee News) و(Republic TV) و(CNN-News18) و(News18 India) و(ABP News) و(India Today)، التي وصفت إقبال بأنه قيادي في جماعة “لشكر طيبة” (عسكر طيبة) الباكستانية، التي تصنفها الهند منظمة إرهابية، والمحظورة في باكستان.

وعلى قناة (سي إن إن نيوز 1)، أعلن المذيع راهول شيفشانكار أن إقبال قُتل في عملية للجيش الهندي بمنطقة كوتلي في باكستان، ووصفه بأنه “إرهابي من لشكر”.

ثم سأل الضيف عن خلفية إقبال، فقال الضيف “هو في الأساس لم يكن قائدًا لعملية إرهابية، بل كان..”، فقاطعه المذيع قائلًا “محفزًا”. وكان عنوان مقطع الفيديو على يوتيوب يصفه بأنه “إرهابي لشكر”.

كما وصف موقع (Republic World) إقبال بأنه “قائد كبير في لشكر طيبة، متورط في هجمات إرهابية كبرى”، مدعيًا أنه “قُتل مؤكدًا” في الهجمات العسكرية الهندية، قائلًا إنه “كان مختبئًا في معسكر لشكر في كوتلي على بعد 15 كليومترًا من خط المراقبة مع 50 إرهابيًّا آخرين”.

كذلك ادعت قنوات (Zee News) و(India Today) و(ABP News) أن إقبال إرهابي قُتل خلال العملية العسكرية التي نفذتها الهند، وأطلقت عليها اسم “سندور”.

لكنَّ عائلة إقبال وزملاءه في العمل والشرطة المحلية أكدوا أنه لم يكن إرهابيًّا باكستانيًّا، بل كان مواطنًا هنديًّا يعمل مدرسًا في مدرسة “جامعة ضياء العلوم” بمنطقة بونش منذ 21 عامًا.

وسائل إعلام هندية تصف مواطنا بأنه "إرهابي باكستاني"
وسائل إعلام هندية تصف مواطنًا بأنه “إرهابي باكستاني”

وفي مقابلة مع الجزيرة مباشر، قال وحيد بنداي -الذي يعمل أيضًا مدرسًا في المدرسة نفسها- إن إقبال كان يدرّس في قسم الحفظ، وقُتل في القصف الباكستاني للمدرسة.

وأضاف بنداي “أصيب 3 من طلابنا، وقُتل إقبال بشظايا القصف. نُقل إلى المستشفى المحلي لكنه لم ينجُ”.

وتابع “ما تنشره وسائل الإعلام الهندية غير صحيح. نشعر بالحزن لأن 15 شخصًا من منطقتنا، ومن بينهم نساء وأطفال، قُتلوا في القصف، لكن القنوات الإخبارية تصفهم بالإرهابيين بهذا الشكل”.

وأردف “كونه كان يطلق لحيته ويرتدي طاقية لا يعني أنه إرهابي. لم تكن له أي صلة بالجماعات الإرهابية. ينتمي إلى عائلة محترمة في قريته، ووالده مختار (زعيم القرية)، وأفراد آخرون من عائلته يعملون في وظائف حكومية”.

وأعرب بنداي عن استيائه من وصف زميله بالإرهابي، قائلًا “هذا التوصيف الكاذب زاد من ألم عائلته وسكان المنطقة. لقد قُتل، وبدلًا من وصفه بالشهيد ومواساة عائلته، وُصف بالإرهابي. لقد فارق الحياة، فكيف لعائلته أن تشعر عندما يُهان هكذا بعد وفاته؟”.

وفي مقطع فيديو، هاجمت عائلة إقبال القنوات الإخبارية، ووصفت ادعاءاتها بأنها هراء.

وقال محمد فاروق، شقيق إقبال “لقد وصفوا أخي بأنه إرهابي باكستاني. هذا الأمر آلمني بشدة. نحن من خسرنا، ومع ذلك نشرت وسائل الإعلام المتملقة أكاذيب عنه. نحن ندين هذا، وندعو السلطات إلى اتخاذ إجراءات ضد هذه القنوات. يجب تسجيل بلاغ رسمي ضدها”.

كما نفت الشرطة المحلية الادعاءات التي وُجهت ضد إقبال، ووصفته بأنه “شخصية دينية محترمة”.

وقالت شرطة بونش في بيان الخميس “وصل إلى علم شرطة بونش أن بعض القنوات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي تروج لتقارير كاذبة ومضللة بشأن وفاة مولانا محمد إقبال، من قرية بيلا بمنطقة ماندي، والبالغ من العمر نحو 46 عامًا، والذي فقد حياته بسبب القصف الباكستاني على مدرسة ضياء العلوم في مدينة بونش”.

وأضاف البيان “شرطة بونش تنفي بشدة هذه الرواية الزائفة. المتوفى، مولانا محمد إقبال، كان شخصية دينية محترمة في المجتمع المحلي، ولم تكن له أي علاقة بأي جماعة إرهابية. إن الترويج الخاطئ لمثل هذه الحوادث الحساسة لا يسبب الذعر فقط، بل يسيء أيضًا لكرامة المتوفى ومشاعر أسرته المفجوعة”.

وأصدرت الشرطة تحذيرًا باتخاذ إجراءات قانونية ضد مروجي الأخبار الكاذبة، قائلة “نحذر من أن أي وسيلة إعلامية أو صحفي أو فرد يشارك في نشر مثل هذه الأخبار الكاذبة سيكون عرضة للمساءلة القانونية بموجب القوانين ذات الصلة. ننصح جميع العاملين في الإعلام والمنصات التحقق من الحقائق من المصادر الرسمية قبل نشر أي معلومات تتعلق بالأمن والنظام العام”.

وأثارت هذه التقارير الإعلامية الكاذبة غضبًا بين المسلمين في المنطقة. وقال عمران برتابغارهي، وهو عضو مسلم في البرلمان، إن “الإعلام في الهند أصبح أعمى بحقده ضد المسلمين”.

وأضاف “من الضروري كبح جماح وسائل الإعلام التي تصفه بالإرهابي بدلًا من وصفه بأنه مواطن بريء من بلدنا قُتل في قصف من بلد عدو، ويجب اعتباره شهيدًا. ما تقوم به وسائل الإعلام، المليئة بالكراهية للمسلمين، دون تفكير، هو أمر مُخزٍ”.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان