حملة كراهية شرسة ضد زهران ممداني في الولايات المتحدة.. ونواب مسلمون ينتفضون للدفاع عنه

أدان النواب المسلمون في الكونغرس الأمريكي حملة الكراهية الموجهة ضد زهران ممداني، المرشح لمنصب عمدة نيويورك، وأعلنوا دعمهم الكامل له في مواجهة ما وصفوها بالهجمات العنصرية وهجمات الإسلاموفوبيا ضده، التي تصاعدت منذ فوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي على منصب عمدة المدينة، التي تُعَد من أهم المدن الأمريكية على الإطلاق.
ووقّع على البيان النواب المسلمون إلهان عمر ورشيدة طليب وأندريه كارسون ولطيفة سيمون، وجميعهم ينتمون إلى الحزب الديمقراطي.
وجاء في البيان أن “عبارات التشويه الحقيرة والعنصرية والمعادية للمسلمين التي تصدر من زملائنا من الحزبين، وتهاجم زهران ممداني، لا يمكن الصمت عليها”.
وأضاف البيان الذي اطلعت عليه الجزيرة مباشر أن هذه التعبيرات العنصرية والمليئة بالكراهية والمعادية للمسلمين أصبحت “راسخة” في السياسة الأمريكية، مؤكدين أنهم لن يسمحوا باستمرارها.
ورأى النواب المسلمون في الكونغرس أن هذه الهجمات العنصرية على ممداني “تسهم بشكل مباشر في نزع الإنسانية عن المسلمين الأمريكيين، والعنف المتواصل ضدهم”.
وأكد البيان “رفض تطبيع خطاب الكراهية المعادي للمسلمين” وعملية الترويج للخوف منهم، كما دعا القادة والسياسيين المنتخبين في جميع أنحاء الولايات المتحدة إلى الحديث بشكل علني وصريح ضد هذا الخطاب.
ويأتي موقف النواب المسلمين ردا على موجة واسعة من التصريحات المعادية للمسلمين، زادت وتيرتها بشكل واضح بعد فوز ممداني بترشيح الحزب الديمقراطي لمنصب عمدة نيويورك، الأسبوع الماضي، وفق ما رصده مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير).
وكشفت “كير أكشن”، وهي الذراع المدافعة عن الحقوق في مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، عن رصد نحو 6200 منشور على الإنترنت تتضمن شكلا من أشكال الإساءة أو العداء للإسلام في يوم الإعلان عن فوز ممداني بالانتخابات التمهيدية.
وأضافت أن نحو 62% من المنشورات المعادية للمسلمين ضد ممداني نُشرت على منصة “إكس”.

الكراهية تبدأ من القمة
حملة الكراهية التي طالت ممداني لم تأت من أشخاص مغمورين أو حسابات مجهولة على منصات التواصل الاجتماعي، بل جاءت من كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية، ومن أعضاء منتخبين في الكونغرس، وهي موجة بدأها الرئيس دونالد ترامب نفسه بانتقاد حاد لممداني، وشارك فيها نواب جمهوريون وصلوا إلى حد اتهام ممداني بالارتباط بهجمات 11 سبتمبر/أيلول على نيويورك عام 2001.
فقد ألمحت النائبة الجمهورية نانسي ميس في منشورات على حسابها بمنصة إكس إلى ارتباط ممداني (33 عاما) بهجمات سبتمبر عام 2001، رغم أنه كان ساعتها لم يكن قد أكمل العاشرة من عمره.
ونشرت ميس على إكس صورة لممداني وهو يصافح بعض المسلمين في مصلى، ويرتدي ملابس آسيوية، وكتبت معها تعليقا يقول “بعد 11 سبتمبر قلنا: ’لن ننسى‘، لكنني أعتقد أننا قد نسينا للأسف”.
كما نشرت ميس استطلاعا على حسابها يوم الخميس 26 يونيو/حزيران، يطرح سؤالا يقول “هل ينبغي سحب الجنسية من ممداني وترحيله؟”.
وبعد مرور 48 ساعة، كان عدد المصوتين على الاستطلاع أكثر من 64 ألف شخص، رفض 47.6% منهم سحب الجنسية من ممداني وترحيله، في مقابل 47.1% أيدوا ذلك، وقال 5.3% إنهم غير متأكدين.
بدورها، نشرت النائبة الجمهورية مارجوري تيلور غرين على حسابها بمنصة إكس صورة مصمَّمة بالذكاء الاصطناعي لتمثال الحرية مغطى برداء أسود، بعد إعلان فوز ممداني، في إشارة إلى النقاب الذي ترتديه بعض المسلمات.
لكن الكراهية أخذت خطوة أبعد بعدما تقدَّم النائب الجمهوري المتطرف آندي أوغلز بطلب رسمي إلى وزيرة العدل الأمريكية بام بوندي لسحب الجنسية من ممداني وترحيله، متهما إياه بـ”الارتباط بالإرهاب”.
Zohran "little muhammad" Mamdani is an antisemitic, socialist, communist who will destroy the great City of New York. He needs to be DEPORTED. Which is why I am calling for him to be subject to denaturalization proceedings.
Attached is my letter to @AGPamBondi. pic.twitter.com/RWCZm67VOr
— Rep. Andy Ogles (@RepOgles) June 26, 2025
واستخدم أوغلز في منشورات عديدة على حسابه بمنصة إكس عددا من الأوصاف المسيئة إلى ممداني، إذ وصفه بالشيوعي، وأشار إليه مرارا باسم “محمد الصغير”، فيما عُدَّ سخرية من ديانة ممداني الإسلامية.
لوبي إسرائيل يدخل على الخط
الحملة التي شنها الجمهوريون على ممداني وجدت لها صدى في مواقف منظمات اللوبي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة، التي استغلت مواقف ممداني الرافضة لممارسات الاحتلال لاتهامه بمعاداة السامية والتحريض على اليهود.
وانتقدت اللجنة الأمريكية اليهودية -وهي واحدة من أبرز منظمات اللوبي الإسرائيلي- تصريحات لممداني دافع فيها عن تعبير “عولمة الانتفاضة”، وأشار إلى أنه يعني دعوة عالمية لدعم النضال المُطالب بحقوق الإنسان للفلسطينيين في مواجهة الاحتلال.
وقالت اللجنة في بيان، الخميس، إن تعبير “الانتفاضة” ارتبط بأشكال من “الإرهاب العنيف” ضد إسرائيل، كما رأى المدير التنفيذي للجنة تيد دويتش أن “الدعوة لعولمة الانتفاضة ليست دعوة للعدالة، بل دعوة للعنف والتحريض”.
بدورها، انتقدت رابطة مكافحة التشهير -وهي واحدة من المنظمات المؤثرة ضمن اللوبي الإسرائيلي- ما وصفته بتصاعد الخطاب المعادي للسامية في السباق الانتخابي على منصب عمدة نيويورك، مستشهدة بتعبيرات استخدمها ممداني، دون أن تذكر اسمه صراحة، ومن بينها تعبير “عولمة الانتفاضة”، والدعوة إلى مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، وشعار “من النهر إلى البحر”.
هل تنتصر الكراهية؟
الزلزال الذي أحدثه فوز ممداني على 11 منافسا ديمقراطيا في السباق نحو منصب عمدة نيويورك، ومن بينهم حاكم ولاية نيويورك السابق أندرو كومو، ما زالت توابعه تتوالى في الأوساط السياسية الأمريكية.
فرغم أن المدينة عادة ما تصوت للديمقراطيين، فإن ثمة عوامل أخرى قد تدخل على الخط، من بينها نفوذ رجال الأعمال في وول ستريت، والحضور الكبير لليهود في المدينة، إذ تضم نيويورك ثاني أكبر تجمُّع لليهود في العالم بعد إسرائيل، بالإضافة إلى حملات الكراهية المتصاعدة ضد ممداني، التي لا يبدو أنها ستتوقف حتى موعد الانتخابات المقررة أوائل نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.