“بطلب من جندي أمريكي”.. عائلة تقع ضحية قصف مسيَّرة أثناء انتظار المساعدات في غزة (شاهد)

فوجئت عائلة النباهين في قطاع غزة، بينما كانت تأمل الحصول على ما يسد رمق أطفالها من مساعدات غذائية، بطائرة مسيَّرة من نوع “كواد كابتر” تابعة للاحتلال، تستهدفهم في منطقة نتساريم وسط قطاع غزة، مما أسفر عن إصابات بليغة في جسد الأم وأبنائها الأربعة، لتتحول نقطة توزيع المساعدات إلى ساحة مخاطرة بالنفس بدلا من أن تكون ملاذا إنسانيا.

ذهبوا بطلب من جندي أمريكي

وكشفت الأم حنان النباهين للجزيرة مباشر أنها توجهت إلى الموقع بناء على إخطار سابق من أحد الجنود الأمريكيين، الذي طلب منهم الحضور في اليوم التالي لتسلُّم مساعدات غذائية.

وأضافت “ذهبنا في اليوم الأول والثاني، ولكن لم نتمكن من الحصول على شيء. وفي اليوم الثالث تواصل معنا الجندي الأمريكي وطلب منا الحضور، وعندما وصلنا إلى المكان هاجمتنا طائرة ‘كواد كابتر’، وألقت قنبلة علينا”.

نجوا من الموت بأعجوبة

وأوضحت النباهين أن الطائرة أصابت الخيمة التي احتمت بها مع أبنائها، وأضافت “حاولنا الاحتماء، لكن الطائرة استهدفتنا مباشرة، أُصبت أنا وبناتي، وأصيب ابني كذلك. ثم بدأت الطائرة تطلق نداءات تطالب بإخلاء المكان، ورغم إصاباتنا البليغة، فقد اضطررنا للزحف بأنفسنا مسافة طويلة للوصول إلى مكان آمن، ثم نُقلنا بعربة كارو إلى مستشفى العودة”.

وأكدت الأم أن ما يُطلَق عليها اسم “نقطة توزيع مساعدات” ليس سوى “مصيدة” لقتل المدنيين، وتابعت “المئات يموتون هناك، والجيش يقول إن المكان آمن، لكننا كنا ندوس على جثث الشهداء عندما وصلنا. هذا فخ، الناس تركض لجلب لقمة العيش فتصبح أهدافا مباشرة”.

ضرورة إشراف منظمات إنسانية محايدة

وطالبت الأم المكلومة بضرورة إشراف منظمات إنسانية محايدة مثل الأونروا على عمليات توزيع المساعدات، وتساءلت: “أين الشاحنات؟ أين الجهات الإنسانية؟ وأين الدول العربية مما يحدث؟”

من جانبها، روت ابنتها تحرير النباهين تفاصيل الحادثة، مشيرة إلى أن الأجواء في البداية كانت هادئة وآمنة قبل أن تهاجمهم مسيَّرة الاحتلال.

وأضافت “بقينا هناك لمدة ساعة دون أي إطلاق نار أو وجود للطائرة، ثم فجأة ظهرت الكواد كابتر وبدأ القصف، لم نعرف إلى أين نهرب، أمي احتضنتني أنا وأشقائي لكن القذيفة أصابتنا جميعا”.

واستطردت تحرير التي أصيبت بكسر وشظايا متعددة “لم أتمكن من إسعاف أمي، فقد كنت في حالة صدمة، أصيبت أختاي وأخي أيضا، ولم يكن هناك من يساعدنا”.

وقد أسفر القصف عن إصابة تحرير بكسر في اليد اليمنى وشظايا في مختلف أنحاء جسدها، بينما أصيبت شقيقتها ياسمين بشظايا في البطن والقدم والظهر، وأصيب شقيقها محمد في عينه وساقه، وخضعت الأخت الثانية ورد لعملية استئصال الطحال بعد إصابتها بشظايا في القدم. أما الأم حنان، فقد تعرضت لكسر في مشط اليد وإصابة في الإصبع.

وأكدت تحرير أن العائلة لم تكن تملك إلا حقيبة صغيرة لحمل الطحين، وكانت تعاني الجوع الشديد، مشيرة إلى أن ما حدث كان فخا وليس عملية إنسانية.

وقالت تحرير “أدعو الجميع لعدم التوجه إلى هذه النقاط، فالوضع هناك خطير جدا، ولا يوجد أي ضمان لسلامة المدنيين”.

وتأتي هذه الحادثة في ظل ظروف إنسانية متفاقمة في قطاع غزة، الذي يواجه انهيارا شبه كامل في الخدمات الأساسية، وسط استمرار القصف ونقص حاد في الغذاء والماء والدواء، مما يثير تساؤلات ملحة بشأن آليات توزيع المساعدات وضرورة توفير ضمانات حقيقية لحماية المدنيين من الأخطار المتكررة.

نقاط مساعدات مصمَّمة للسيطرة الأمنية

وكشفت دراسة للبروفيسور الإسرائيلي ياكوف غارب، نشرتها منصة “هارفارد داتافيرس” الأمريكية مطلع الشهر الجاري، أن تصميم نقاط المساعدات الأمريكية الإسرائيلية ومواقعها الجغرافية تشير إلى أنها مصمَّمة بهدف تعزيز السيطرة العسكرية لجيش الاحتلال ودعم عملياته، وليس تقديم المساعدة الإنسانية إلى الأهالي المجوَّعين في القطاع المحاصر.

ومنذ إعلان الاحتلال توزيع المساعدات عبر ما تُسمى “مؤسسة غزة الإنسانية”، استشهد أكثر من 500 شخص حول نقاط توزيع المساعدات برصاص الاحتلال الإسرائيلي، بحسب إحصاءات فلسطينية رسمية، مما حوَّل تلك النقاط إلى “مصائد للموت”، بحسب الأهالي المجوَّعين في القطاع المحاصر.

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان