أسوشيتد برس توثق ممارسات وحشية في مراكز توزيع المساعدات تديرها مؤسسة أمريكية بغزة

فوضى في توزيع المساعدات على الفلسطينيين في غزة
فوضى في توزيع المساعدات على الفلسطينيين في غزة (رويترز)

نقلت وكالة (أسوشيتد برس) عن متعاقدين أمريكيين في مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزة أن زملاءهم أطلقوا الرصاص الحي وقنابل الصوت ضد فلسطينيين خلال محاولتهم الحصول على الغذاء في مواقع التوزيع التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية.

متعاقدان أمريكيان، تحدثا لـ(أسوشيتد برس) بشرط عدم الكشف عن هُويتهما نظرا لطبيعة المعلومات الحساسة التي أفصحا عنها، أعربا عن قلقهما العميق مما وصفاه بـ”ممارسات خطيرة وغير مسؤولة” من فرق الحراسة، التي قالا إنها غالبا ما تكون غير مؤهلة، لم تخضع للتدقيق، ومسلحة بشكل مفرط، وتتصرف وكأنها تملك تفويضا مفتوحا باستخدام القوة.

ووَفق شهاداتهما، يطلق الحراس قنابل صوتية ورذاذ الفُلفُل بشكل متكرر نحو الحشود، بل ويطلق الرصاص أحيانا في الهواء، أو على الأرض، أو باتجاه الفلسطينيين أنفسهم.

وقال أحد المتعاقدين إنه شاهد بنفسه أحد زملائه يطلق النار نحو أشخاص كانوا يغادرون الموقع بعد حصولهم على الغذاء، مما أدى إلى سقوط أحدهم أرضا على بعد نحو 60 مترا.

وقال أحد المتعاقدين “هناك أبرياء يصابون. بشكل سيئ، وبدون داعٍ”، مضيفا أن طواقم الحراسة توثق وجوه من يشتبه بهم من الباحثين عن الغذاء وتشارك تلك المعلومات مع الجيش الإسرائيلي.

ضحايا بالمئات بسبب عشوائية توزيع المساعدات
ضحايا بالمئات بسبب عشوائية توزيع المساعدات (الفرنسية)

مشاهد صادمة ووثائق داخلية

وقالت (أسوشيتد برس) إن المقاطع المصورة التي حصلت عليها تظهر مئات الفلسطينيين يتدافعون خلف بوابات حديدية، وسط أصوات طلقات نارية، وانفجارات، واستخدام رذاذ الفلفل.

وفي إحدى اللقطات، يُسمع حراس أمريكيون وهم يتحدثون عن كيفية تفريق الحشود، ويتبادلون عبارات التشجيع بعد إطلاق النار، يقول أحدهم “أعتقد أنك أصبت أحدهم”، ويرد آخر بحماس “نعم، يا فتى”.

وتظهر صور أخرى رجالا بزي رمادي -وصفهم المتعاقد بأنهم زملاؤه- وهم يلقون قنابل صوتية وسط حشود فلسطينية محتشدة في ممر ضيق، ويواصل آخرون إطلاق الرصاص فوق رؤوس الجموع أو نحو الأرض.

ووَفق رسائل داخلية اطّلعت عليها الوكالة، وثّق استخدام 37 قنبلة صوتية، و27 قذيفة مطاطية-دخانية، و60 عبوة من رذاذ الفلفل، في إحدى المرات خلال يونيو/حَزيران الماضي، ولم يشمل هذا الإحصاء الرصاص الحي.

وتظهر إحدى الصور -التي وثّقها متعاقد- امرأة ممددة داخل عربة يجرها حمار، بعد أن أصيب رأسها بشظية من قنبلة صوتية.

المساعدات تصل إلى عدد محدود للغاية من المحتاجين
المساعدات تصل إلى عدد محدود للغاية من المحتاجين (AP)

و”مؤسسة غزة الإنسانية” منظمة أمريكية تأسست، في فبراير/شباط الماضي، وسجّلت بولاية ديلاوير الأمريكية، لتوزيع المساعدات الإنسانية في ظل الحرب المستمرة. تلقت المؤسسة مؤخرا دعما ماليا أمريكيا بقيمة 30 مليون دولار، في أول تبرع علني من واشنطن، وسط غموض يلف مصادر تمويلها الأخرى.

ولم يُسمح للصحفيين بالوصول إلى مواقع المؤسسة التي أعلنت توزيع ما يعادل 50 مليون وجبة غذائية، من خلال مراكز تقع في مناطق يسيطر عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وتقول وزارة الصحة في قطاع غزة إن المئات قتلوا وجُرحوا أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات منذ بَدء عمل المؤسسة، في مايو/أيار الماضي، نتيجة لإطلاق نار من جنود إسرائيليين في الطرق المؤدية إلى المواقع.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يطلق “طلقات تحذيرية فقط” ويحقق في تقارير عن إصابات بين مدنيين، نافيا استهداف الأبرياء بشكل متعمد.

تحقيق صوتي يكشف استخدام الذخيرة الحية

وقالت (أسوشيتد برس) إنها استعانت بخبراء صوتيات للتأكد من صحة المقاطع المصورة، فأكدوا أن المقاطع تحتوي على أصوات لأسلحة نارية حقيقية، بما في ذلك أسلحة رشاشة، تطلق من مسافة تقل عن 60 مترا من الميكروفون.

وخلص المحللون إلى أن الأسلحة كانت توجه في اتجاهات متعددة، وليس نحو هدف واحد محدد، ما يعكس فوضى في إطلاق النار.

بين المطرقة والسندان

وقال أحد المتعاقدين الذين قدموا الشهادات إن الفلسطينيين الذين يتوجهون لمراكز المساعدات يجدون أنفسهم عالقين “بين نيران الجيش الإسرائيلي من جهة، ونيران الحراس الأمريكيين من جهة أخرى”.

ونقل عن فلسطينيين قولهم له “جئنا نبحث عن طعام لعائلاتنا، لا نملك شيئا. لماذا يطلق علينا الجيش النار؟ ولماذا تطلقون أنتم النار؟”.

المصدر: أسوشيتد برس

إعلان