“عقوبات الإذلال” و”استعراضات العار” تثير غضب المسلمين في الهند

في مشاهد تُذكّر بأساليب الإذلال التي أُلغيت في العالم منذ قرون، عادت إلى الواجهة في الهند ممارسات عقابية تعود إلى عصور مضت.
ضرب علني وتشهير
وشهدت عدة ولايات هندية، بينها “غوجرات” و”مادهيا براديش” و”أوتار براديش”، حالات متكررة لمواطنين مسلمين يتعرضون للضرب العلني والتشهير، بزعم تورطهم في قضايا تتعلق بذبح الأبقار.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsاحتجاجا على مجازر غزة.. جولات ميدانية في بلدة هندية لمطالبة المتاجر والسكان بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية
“إصلاح الإطارات”.. مسلمون في الهند يردُّون على تصريحات رئيس الوزراء بحملة ساخرة
الهند.. طعن طفل مسلم بعد رفضه ترديد شعار ديني هندوسي (فيديو)
وبحسب شهود عيان وتقارير حقوقية، يُجبر “المتهمون” من المسلمين على ترديد شعارات هندوسية وهم يُساقون في مواكب على مرأى من العامة.
ففي مارس/آذار الماضي، وثّقت وسائل إعلام محلية حادثة في مدينة أوجاين بولاية مادهيا براديش، حيث قامت الشرطة بعرض رجلين مسلمين في الشارع بعد اعتقالهما بتهمة ذبح الأبقار.
إذلال طائفي
ووفقًا للفيديو الذي نُشر على نطاق واسع، هدّد أحد ضباط الشرطة الرجلين بالهراوة عندما كان يجبرهما على ترديد شعار “البقرة أمّنا، والشرطة أبونا”.
وأثار المشهد جدلًا واسعًا، حيث اعتبره نشطاء حقوق الإنسان شكلًا من أشكال الإذلال الطائفي الذي يُمارَس تحت غطاء القانون. ورغم الانتقادات، لم تتخذ السلطات أي إجراء ضد أفراد الشرطة المتورطين، وفُسّر الصمت الرسمي على أنه دعم ضمني لتلك الممارسات.
“استعراضات العار”
وتُظهر المقاطع، التي التُقطت في عدد من الولايات، تعرّض موقوفين مسلمين للإهانة الجسدية واللفظية من قبل رجال الشرطة، دون أي محاولة لإخفاء هذه الممارسات أو التستّر عليها. بل في بعض الحالات، تم تصوير الضرب من قبل أفراد يرتدون الزي الرسمي، ونُشرت المقاطع لاحقًا من دون أي مساءلة قانونية تُذكر.
وحذّر خبراء حقوقيون من أن نشر مثل هذه المقاطع يساهم في ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب، كما يُستخدم وسيلة دعائية لكسب رضا مؤيدي حزب “بهاراتيا جاناتا”، ممن يرون في العقاب العلني للمسلمين “انتقامًا مشروعًا” وشكلًا من أشكال “العدالة الجماعية”.
وأشار خبراء إلى أن الشرطة تتجاهل حكمًا أصدرته المحكمة العليا في 2024 يقضي بحظر تنظيم “استعراضات العار”.
وقائع سابقة
في عام 2022، نظمت الشرطة في ولاية غوجارات “استعراضات العار” للتشهير بالمجرمين المسلمين علنًا، وربطتهم بعمود كهربائي، وضربتهم أمام الحشد.
وانتشر مقطع فيديو يظهر عناصر من شرطة أحمد آباد وهم يضربون ثلاثة مسلمين في مكان عام وسط حشد من الناس.
وزعمت الشرطة أن الرجال الثلاثة كانوا يقذفون بالحجارة في محاولة لتعطيل إحدى الفعاليات؛ مما أسفر عن إصابة ستة أشخاص وإلحاق أضرار بعدد من المركبات، بينها سيارة شرطة.
وكانت الحادثة بداية لسلسلة من الأحداث في ولايات أخرى، وبدأت الشرطة في ممارسة العنف العلني ضد مسلمين، أحيانًا أمام حشودٍ تردد الهتافات وتبدي تأييدها.
وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي العديد من المقاطع المصورة -بعضها نُشر من قِبل أجهزة الأمن نفسها- تُظهر مسلمين يتعرضون للتشهير والضرب أمام الملأ، بزعم ارتكابهم جرائم. وفي بعض تلك المقاطع، يُسمع عناصر الشرطة وهم يردّدون أن هذا العقاب “عبرة للآخرين”، ورسالة مفادها أن أولئك المتهمين “بلا قوّة ولا قيمة”.

وتشير تقارير حقوقية إلى تصاعد هذه الممارسات في ولاية أوتار براديش، التي تشهد ازديادًا في حالات العقاب العلني الذي تمارسه قوات الشرطة ضد المسلمين، حتى في قضايا بسيطة أو أثناء مشاركتهم في احتجاجات سلمية.
وفي عام 2022، انتشر مقطع فيديو من منطقة “سامبال” يُظهر عناصر من الشرطة يعتدون بعنف على عدد من الشبان المسلمين داخل مركز للشرطة. ويُعتقد أن المعتقلين شاركوا في احتجاجات اندلعت بعد تصريحات أدلى بها بعض السياسيين الهنود مسيئة إلى النبي محمد ﷺ.
وتم نشر الفيديو الذي أثار موجة غضب على منصات التواصل الاجتماعي لأول مرة على حساب سياسي وزعيم هندوسي، أصبح حاليا عضوًا في المجلس التشريعي للولاية. ورغم حذفه المنشور لاحقًا، لم ينفِ الزعيم الهندوسي نشره.
وفي يونيو/حزيران 2023، أثار مقطع فيديو آخر موجة استنكار واسعة، حيث أظهر عناصر من الشرطة في ولاية غوجارات وهم يضربون رجالًا وأطفالًا مسلمين أمام أحد المساجد، في مشهد أعاد إلى الأذهان حوادث مشابهة سابقة في الولاية نفسها.
ووفقًا للتقارير، فإن المعتدى عليهم كانوا يحاولون حماية أنفسهم من اعتداء شنّه هندوس، لكن الشرطة ألقت باللوم على الضحايا واعتبرتهم مسؤولين عن اندلاع أعمال شغب. ويُظهر المقطع الضحايا وهم مصطفّون أمام المسجد ورجال الشرطة يتناوبون على ضربهم بالهراوات.
وفي تعليقها على الظاهرة، قالت ميناكشي جانجولي، مديرة قسم جنوب آسيا في “هيومن رايتس ووتش”، في تصريح للجزيرة مباشر “تمارس السلطات في عدد من الولايات الهندية العنف ضد المسلمين كنوع من العقاب الموجز دون محاسبة”.
وأضافت “يتجاهل المسؤولون بشكل صارخ مبدأ سيادة القانون، ويوجّهون رسالة مفادها أن التمييز ضد المسلمين والاعتداء عليهم مسموح به”.