العدوان على إيران.. خطيئة عظمى!

خامنئي قال إن المقاومة لن تضعف بعد تغيير النظام في سوريا
خامنئي مرشد الثورة الإيرانية (رويترز)

لا تصح أبداً المغامرة أو المقامرة في القرار الأمريكي بالعدوان على إيران، وإذا سقط ترامب في حسابات خاطئة في التعامل العنيف مع هذا البلد الكبير فإنه يتسبب في كارثة خطيرة بالشرق الأوسط.

كما لا يصح الغرور والغطرسة والعنجهية ومواصلة اعتبار ترامب لنفسه أنه سيد هذا العالم والآمر الناهي الأوحد فيه، هذا جنون عظمة لن يقل عما كان عليه كاليجولا وهتلر.

وهذا الرئيس قد يقود الشرق الأوسط والعالم إلى جهنم التي يهدد ويتوعد بها، ويقود إلى الجحيم الذي يُنذر به كل من يعتبرهم لقمة سائغة يسهل التهامها، والحقيقة هو موهوم، فالقوة وحدها ليست الحل، ولم تكن ولن تكون يوماً هى الحل.

عليه أن يتذكر الإمبراطوريات القديمة التي كان ديدنها القوة فقط، ثم خارت قواها وانهارات، وأن يتذكر الإمبراطورية السوفيتية التي كانت نداً ومنافساً لبلاده، ثم تفككت وزالت وبقى منها روسيا المتورطة في حرب دخلت عامها الرابع مع أوكرانيا المجاورة لها، رغم أن الأوكراني المُعتدى عليه لا يمتلك من أوراق القوة عشر ما في أيدي الروسي.

ولن نذهب بعيداً، لماذا نستحضر تجارب دول وامبراطوريات سابقة في اندحارها وزوالها، إذ إن بلاده نفسها فشلت في كل اعتداءاتها وتدخلاتها في البلدان التي غزتها شرقاً وغرباً.

هناك فيتنام، وأفغانستان، والعراق، والصومال، وبلدان لاتينية.. ماذا حققت الإمبراطورية الأمريكية في هذه الدول؟ لا شيء غير التخريب والتدمير وإزهاق مئات الألوف والملايين من الأرواح البريئة، ثم نسحاباتها منها في انكسار وانهزام.

ترامب يشعل الحروب

ترامب لا يتوقف عن تكرار حديثه بأنه لو كان رئيساً لأمريكا خلال السنوات الأربع التي حكم فيها بايدن لم تكن تنشب حروب في أي مكان، ويردد أنه في ظل رئاسته الحالية سيُوقف الحروب وينشر السلام، ويعيد الاستقرار إلى العالم.

لكن سريعاً يحدث العكس حيث تتواصل الحروب القائمة، وتُستأنف حروب كانت هدأت، وهناك نذر بحروب جديدة خطيرة قد تشتعل في أي لحظة.

فالحرب الروسية الأوكرانية لا تزال متواصلة، ولا سلام بعد طالما أن ترامب يريد فرضه بالقوة وفق رؤيته هو، والإبادة تجددت في غزة بدعم أشد لإسرائيل عما كان عليه خلال رئاسة بايدن، والأخطر خطته بتهجير شعب غزة من أرضهم ووطنهم.

روسيا – أوكرانيا، غزة الإبادة، غزة التهجير، هذه ثلاث حروب لم يُطفئها ترامب، بل زادها اشتعالاً، ثم يشن حرباً رابعة على اليمن، وهو عدوان مُدان، وتخريب وتدمير للبنية الأساسية ومقدرات شعب فقير بائس وقتل للمدنيين، كما تفعل إسرائيل في غزة، خاصة الأطفال والنساء.

العدوان على الحوثيين عدوان على الشعب اليمني لأن الحوثيين هم مواطنون يمنيون، بغض النظر عن الاقتتال الأهلي، والانقسامات الجغرافية والسياسية والاجتماعية، والصراعات على الحكم، هذا شأن يمني، بينما العدوان على قسم من هذا الشعب يمثل جريمة تُضاف للسجل الأمريكي الأسود في الاعتداء على الدول والشعوب.

استهداف إيران جريمة كبرى

أي عدوان على إيران مرفوض، وإذا حصل، لاقدر الله، سيكون جريمة كبرى أخرى تستهدف الشعب الإيراني أكثر من النظام الحاكم، والشعوب هي من تدفع أثمان الصراعات بين الأنظمة المتحاربة، أو أثمان اعتداءات القوى الكبرى على البلدان الأقل في القوة والنفوذ.

إيران ليست إرهابية، وهي لا تقود محوراً إرهابياً يزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط، فأصل الإرهاب متوطن في إسرائيل وأمريكا، وزعزعة الاستقرار في العالم مصدره هذا الثنائي الشرير.

ويمكن إضافة الحرب التجارية التي يشنها ترامب على العالم باعتبارها عدواناً تجارياً ومالياً واقتصادياً تخريبياً، وهي حرب دولية، لكنها ليست بالسلاح، إنما مخاطرها قد تكون أشد من رصاص البنادق.

أن يهدد ترامب إيران بعقاب غير مسبوق لا مثيل له إذا لم توافق على شروطه لحل قضية برنامجها النووي فهذه وقاحة، وهذه غطرسة تحط من قدر طهران ولا تشجعها على الدخول في تفاوض جديد باحترام.

ليس منطقياً أن يفرض ترامب رؤيته هو للحل في نووي إيران مثلما يريد فرض خطته على أوكرانيا للسلام مع روسيا، إنه يلغي شخصية الدول وحقوقها والضمانات التي تريدها لعمليات سلام واتفاقات آمنة دائمة، إنه يريد الإذعان، يتصور نفسه ملك الملوك وعلى الجميع السمع والطاعة فقط، وإلا فإن العقاب الجاهز هو الجحيم.

هل يعتقد أنه عندما يعتدي على إيران فإنها ستسكت؟ المؤكد أنها سترد وتدافع عن نفسها وسيادتها وكرامتها الوطنية، وغالباً ستقوم بضرب المصالح العسكرية الأمريكية في المنطقة، وفي جوارها الأسيوي، وأحد قادتها العسكريين الكبار أشار إلى ذلك بقوله إن هناك 10 قواعد عسكرية و 50 ألف جندي أمريكي في المنطقة، والمعنى الواضح أنها أهداف مشروعة إذا تم المس ببلاده.

إيران دولة لها تاريخ قديم وحضارة، والشعور القومي الفارسي متعاظم، وهذا حق لها، ولكل الدول صاحبة التاريخ، ومهما اعترى هذه البلدان الضعف فإنها لا ترضى لنفسها الإهانة والرضوخ الذليل.

ولا يضمن أحد أن التنظيمات المرتبطة بإيران مذهبياً في دول عربية قد تسكت، فهى قد تشارك في الهجوم على المصالح الأمريكية، وإسرائيل قد تكون هدفاً لأكثر من جبهة.

إذا كانت إسرائيل وأمريكا لم تستطيعا إخضاع قطاع غزة، وهو بحجم محافظة صغيرة في إيران، وإذا كانتا فشلتا في القضاء على المقاومة، وهى قوات محدودة العدد مسلحة ببنادق وصواريخ بدائية، وإذا كانتا أخفقتا في تحرير الأسرى، فهل سيكون بمقدورهما معاً، أو بمقدور أمريكا وحدها أن تدمر إيران القوة البشرية والتسلحية والاقتصادية والروح الدينية الاستشهادية والولاءات المذهبية في الخليج وخارجه بسهولة؟!

المصدر : الجزبرة مباشر

إعلان