أبو عبيدة.. لماذا أعلن اسم الأسير المُحاصر متان؟

أبو عبيدة قال إن الهجوم رسالة للاحتلال مفادها أن التمادي في العدوان يعني المزيد من الخسائر
أبو عبيدة (الجزيرة مباشر)

للمرة الأولى، يُصدر الناطق باسم كتائب القسام الحمساوية أبو عبيدة، تحذيرا عاجلا، وخطيرا، بأن “جيش الاحتلال”، يحاصر مكانا في قطاع غزة؛ يتواجد فيه جندي إسرائيلي أسير لدى حماس، مع الحُراس من مقاتلي النخبة (وحدة الظل). مُحذرا؛ بشكل قاطع بأن؛ “العدو لن يتمكن من استعادة الأسير حيا”، بما مفاده، أن أي محاولة لتحريره، ستنتهي حتما بمقتله، وتكون قوات الاحتلال، هي المسؤولة عن قتله. لافتا، بأن وحدة الظل حافظت على حياته لمدة عام وثمانية أشهر. الجديد في التحذير، عبر منشور على منصة تلغرام، هو تحديد أبو عبيدة للأسير بالاسم، ويُدعى “متان تسنغاوكر”، مع صورة له، مريضا، مُمددا على سرير قيد العلاج.

لن يعود حيا بـ3 لغات

فالمُعتاد، أن بيانات أبو عبيدة، أو الإعلام العسكري لكتائب القسام، تكون عن كمائن، أو اشتباكات، أو أحداث وقعت، وتفاصيلها. أما، الإعلان، والحدث آنٍ، وجارٍ، فهذا غير مسبوق. “أبو عبيدة”، لم يكشف عن مكان الأسير. وإن كان الخبراء، يرون أنه متواجد في واحدة من ثلاث مناطق (رفح، خان يونس، شمال القطاع)، تنشط فيها العمليات القتالية للجيش الإسرائيلي، ويرجحون أنها منطقة خان يونس.

عقب نشر التحذير، نقلت هيئة البث الإسرائيلية، عن “الجيش”، بأنه لم يقم بأي محاولة لإنقاذ هذا المختطف (يقصد الأسير متان).

أبو عبيده، وجه التحذير في “منشوره”، لمن يهمه الأمر. كما نشر صورة للجندي متان، مكتوب أسفلها؛ عبارة “لن يعود حيا”، بثلاث لغات”، أولها، العربية، والمعني بها الجمهور العربي. ثانيتها، الإنجليزية، المقصود بها، لفت نظر العالم الخارجي (الغرب تحديدا)، ليكون شاهدا، لإخلاء مسؤولية حماس عن مقتل الأسير، فيما لو حاول جيش الاحتلال تحريره بالقوة.

في رقبة نتنياهو

ثالثة اللغات، هي “العبرية”، لمخاطبة الداخل إسرائيل، جيشا وحكومة، وساسة. ومع التركيز على “المجتمع الإسرائيلي”.. لا سيما عائلات الأسرى، ووالدة الجندي متان (عيناف تسنغاوكر)، التي تقود حراكا هائلا ومكثفا لعائلات الأسرى, للضغط على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، لوقف الحرب، وإبرام صفقة للتبادل. وفور نشر رسالة أبو عبيدة، شنت “عيناف”، هجوما عنيفا على نتنياهو، ووصفته بأنه ملاك الموت، وأن دم ابنها لو مات، في رقبته.

الرسالة، للإسرائيليين، محتواها، باختصار شديد، جيشكم لن يستعيد الأسرى بالقوة العسكرية، وأن الطريق الوحيد لاستعادتهم، هو وقف الحرب، والصفقة. تحذير أبو عبيدة، يتكامل مع رسالة سابقة له، بأن نصف الأسرى الأحياء موجودين في مناطق قتال، تم إخلاؤها من السكان، بأمر الجيش الإسرائيلي.. ما يعني، ازدياد الخطر على حياتهم.

اسم الأسير.. والأمريكي عيدان ألكسندر

التحذير، هذه المرة، جاء مقرونا باسم الأسير، وخطر الموت المُحدق به.. بما يعطي مردودا أقوى تأثيرا، وأسرع انتشارا. تفيدنا دراسات الصحافة، والإعلام، بأن “الأسماء تصنع الأخبار”، بمعنى أن “الخبر” الدائر حول شخص مهم، أو شهير، على شاكلة متان.. يكون أكثر قابلية للانتشار السريع، والاستحواذ على اهتمام الجمهور. وتزداد الفاعلية، والتأثير، وسرعة الانتشار.. لكون هذا الشخص (الشهير)، يواجه خطر الموت (خبر سيئ). فهذا الأسير، معروف جيدا في المجتمع الإسرائيلي. فقد تم أسره، من منطقة بغلاف غزة، مع أسيرة أخرى، حظيت بالأفراج عنها في عملية التبادل الأولى.

كما رافق في محبسه، الأسير الأمريكي الجنسية عيدان ألكسندر، المفرج عنه مؤخرا. وهذا الأمريكي، تحدث لوسائل إعلام عبرية وأمريكية كثيرة عن متان، وظروف اعتقاله، وحالته الصحية. وهذا بخلاف سابقة بث القسام لمقطع فيديو مؤثر لـ”متان”. لكل هذه الاعتبارات، فإن تحذير أبو عبيدة، فائق الجدية، والخطورة معا؛ يفتح بابا واسعا للنقاش في المجتمع الإسرائيلي الذي بات على قناعة بأن الاسرى لن يعودون إلا من خلال اتفاق مع حماس، وأن نتنياهو، يقامر بحياة الأسرى.

وحدة الظل القسامية.. ومجزرة النصيرات

يؤكد، ما سبق، أن قيادة القسام، قررت قبل عام من الآن، منح “وحدة الظل”، التي تتولى حراسة الأسرى؛ صلاحية، تصفية أي أسير بقتله، حال وقوع هجوم لتحريره بالقوة.

قرار القسام، جاء تاليا لمجزرة مخيم النصيرات (8/6/2024)، التي أوقعت 272 شهيدا، وعشرات الجرحى. عندما تسللت قوة إسرائيلية، بملابس مدينة، في شاحنة مساعدات، ونجحت بتحرير أربعة أسرى، بعد معركة شرسة مع الحراس، قُتل خلالها القائد الإسرائيلي للعملية، وعدد من جنوده.

يُذكر، أن جيش الاحتلال، نفذ أربع عمليات خاصة لتحرير أسراه، ولم يفلح، سوى في تحرير ثمانية فقط من بين 200 أسير. في المقابل، قُتل، ما لا يقل عن 20 أسيرا، بنيران إسرائيلية صديقة، أو بفعل القصف لمكان الأسر.. مثلما حدث لستة أسرى، قتلوا بمنطقة تل السلطان برفح (سبتمبر/أيلول الماضي).

الرسالة.. مُربكة لجيش الاحتلال

بحسب الخبير العسكري اللواء فايز الدويري، في مداخلة لقناة الجزيرة، فإن مقاتلي القسام بالعموم، ومنهم قوات الظل، لا يعرفون الاستسلام، وأن الاحتلال ليس أمامه سوى خيارين لا ثالث لهما. فإما التراجع عن الحصار، بما يُتيح الفرصة، للقسام لنقل الأسير، بعيدا، أو أن يتسلمه جثة هامدة لاحقا.

بيان أبو عبيدة، وتحذيره، بشأن الجندي الأسير “متان تسنغاوكر”، هو رسالة إرباك شديدة لـ”نتنياهو”، الذي يُجيد الإفلات، والمناورة، للتهرب من وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى.. إعلانه مرارا، أن هدفه الأول، هو استعادة الأسرى. الرسالة، مُربكة، أيضا، لجيش الاحتلال، وخططه للانتشار.

فالجيش، أصلا، عالق في غزة منذ 20 شهرا، دون التمكن من سحق حماس، كما، لم ينجح، بتحرير الأسرى.

الإنجاز الوحيد، هو عار الإبادة للمدنيين. ولا يكون أمام نتنياهو وجيشه، سوى تعليق العمليات العسكرية في غزة، وفك الحصار، إنقاذا للأسير متان، وغيره من الأسرى.. التفاوض لعقد صفقة لتبادل الأسرى.

المجد للشعب الفلسطيني المقاوم.

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان